تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أئمة المذهب فإن لم يجده توقف ولا بد في الوجهين من ترجيح أحدهما ومعرفة أصحهما عند الفتوى والعمل بمثل الطريق المذكور ولا عبرة بالتقدم والتأخر وسواء وقعا معا أو لا من إمام أو إمامين لأنهما نسبا إلى المذهب نسبة واحدة وتقدم أحدهما لا يجعله بمنزلة تقدم أحد القولين من صاحب المذهب ولأن ذلك أيضا من قبيل اختلاف المفتيين على المستفتي بل كل ذلك اختلاف راجع الى شخص واحد وهو صاحب المذهب فليلحق باختلاف الروايتين عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يتعين العمل بأصحهما عنه وأصرحهما وأوضحهما وإن كان أحد الرأيين منصوصا عليه وللآخر مخرجا فالظاهر أن الذي نص عليه منهما يقدم كما يقدم ما يرجحه من القولين المنصوصين على الآخر لأنه أقوى نسبة منه إلا إذا كان القول المخرج مخرجا من نص آخر لتعذر الفارق ومن يكتفي بأن يكون في فتياه أو عمله موافق لقول أو وجه في المسألة ويعمل بما شاء من الأقوال أو الأوجه من غير نظر في الترجيح ولا يقتدى به فقد جهل وخرق الاجماع وقد حكي عن بعض الفقهاء المالكية أنه قال الذي علي لصديقي إذا وقعت له حكومة أن أفتيه بالرواية التي توافقه ووقعت لرجل واقعة فأفتى فيها جماعة بما يضره فلما عاد وسألهم قالوا ما علمنا أنها لك وأفتوه بالرواية الأخرى التي توافقه وذلك يفعلونه لقلة خيرهم وكثرة نفاقهم ولا خلاف في تحريم ذلك بين العلماء وقد قال مالك ليس كل ما فيه توسعة قلت لا توسعة فيه يعني أن اختلافهم يدل على أن للاجتهاد مجالا في ما بين أقوالهم وإن ذلك مما ليس يقطع فيه بقول واحد متعين لا مجال للاجتهاد في خلافه وقال في اختلاف الصحابة منهم مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد قلت ويتعين العمل بالأرجح من أقوال الصحابة في كل مسألة اختلفوا فيها وما فيها قول واحد لأحدهم ولم يشتهر بينهم أخذ به من يرى تقليدهم وإن اشتهر فلم ينكر فبطريق الأولى وهو عند أصحابنا إجماع سكوتي وفيه لبقية العلماء خلاف مشهور.

فصل إذا اعتدل عند المفتي قولان وقلنا يجوز ذلك فقد قال القاضي أبو يعلى له أن يفتي بأيهما شاء كما يجوز أن يعمل المفتي بأي القولين شاء وقيل أنه يخير المستفتي لأنه إنما يفتيه بما يراه والذي يراه التخيير على قول من قال بالتخيير وإن قلنا يمتنع تعارض الإمارات وتعادلها تعين الأحوط من القولين وإن أفتاه بقول مجمع عليه لم يخيره في القبول منه وإن كان فيه خلاف خيره بين القبول منه أو من غيره قبل العمل أما إن قلنا كل مجتهد مصيب فظاهر وأما إن قلنا المصيب واحد فلأنه غير متعين منهما كتخيير الإمام أحمد من أفتاه بالطلاق بين قوله له وبين قول من يفتيه بخلافه فلا يلزمه أن يخبره صريحا بذلك.

فصل إذا وجد من ليس أهلا للتخريج والترجيح بالدليل اختلافا بين أئمة المذاهب في الأصح من القولين أو الوجهين فينبغي أن يرجع في الترجيح إلى صفاتهم الموجبة لزيادة الثقة بآرائهم فيعمل بقول الأكثر والأعلم والأورع فإذا اختص واحد منهم بصفة منها والآخر بصفة أخرى قدم الذي هو أحرى منهما بالإصابة فالأعلم الأورع مقدم على الأورع العالم كما قلنا في الترجيح عند تعارض الأخبار في صفاة الرواة وكذلك إذا وجد قولين أو وجهين لم يبلغه عن أحد من أئمته بيان الأصح منهما اعتبر أوصاف ناقليهما وقائليهما ويرجح ما وافق منهما أئمة أكثر المذاهب المتبوعة أو أكثر العلماء وقد قال القاضي حسين بن محمد الشافعي إذا اختلف قولا الشافعي في مسألة وأحد القولين موافق مذهب أبي حنيفة ولم يترجح أحدهما ظاهرا بشيء فأيهما أولى بالفتوى فقيل المخالف لأنه إنما خالفه لمعنى خفي علينا وقيل بل الموافق للتعاضد والموافقة في الاجتهاد ودليله وقيل الأولى الترجيح بالمعنى لا بموافقة ولا بمخالفة وهذه التراجيح معتبرة بالنسبة إلى أئمة المذاهب وما رجحه الدليل مقدم عندهم وهو أولى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير