تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فصل ونحن نمهد طريقا سهلا منقول ليس له أن يتبع في ذلك مجرد التشهي والميل إلى ما وجد عليه أباه وأهله قبل تأمله والنظر في صوابه وليس له التمذهب بمذهب أحد من أئمة الصحابة وحده أو غيرهم من السلف دون غيره وإن كانوا أعلم وأعلى درجة ممن بعدهم مع أن قول الصحابة عندنا حجة في أصح الروايتين لأنهم لم يتفرغوا لتدريس العلم وضبط أصوله وفروعه وليس لأحدهم مذهب مهذب محرر مقرر مستوعب وإنما قام بذلك من جاء بعدهم من الأئمة الناخلين لمذاهب الصحابة والتابعين وغيرهم القائمين بتمهيد أحكام الوقائع قبل وقوعها الناهضين بإيضاح أصولها وفروعها ومعرفة الوفاق والخلاف كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأصمد وأمثالهم فإن اتفاقهم نعمة تامة واختلافهم رحمة عامة.

فصل ولما كان من اللازم الالتزام بأهل الدين وعلماء الشريعة المبرزين وأكابر الأئمة المتبعين المتبوعين والمشهورين من المحققين المحقين المتدينين المتورعين والموفقين المسددين المرشدين وكان الإمام العالم السالك الناسك الكامل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه قد تأخر عن أئمة المذاهب المشهورة ونظر في مذاهبهم ومذاهب من قبلهم وأقاويلهم وسبرها وخبرها وانتقدها واختار أرجحها وأصحها ووجد من قبله قد كفاه مؤنة التصوير والتأصيل والتفصيل فتفرغ للاختيار والترجيح والتنقيح والتكميل والإشارة بين الصحيح مع كمال آلته وبراعته في العلوم الشرعية وترجحه على من سبقه لما يأتي ثم لم يوجد بعده من بلغ محله في ذلك كان مذهبه أولى من غيره بالإتباع والتقليد وهذا طريق الإنصاف والسلامة من القدح في بعض الأئمة وقد ادعى الشافعية ذلك في مذهب الشافعي أيضا وأنه أولى من غيره ونحن نقول كان الإمام أحمد أكثرهم علما بالأخبار وعملا بالآثار واقتفاء للسلف واكتفاء بهم دون الخلف وهو من أجلهم قدرا وذكرا وأرفعهم منزلة وشكرا وأسدهم طريقة وأقومهم سطرا وأشهرهم ديانة وصيانة وأمانة وأمرا وأعلمهم برا وبحرا قد اجتمع له من العلم والعمل والدين والورع والإتباع والجمع والاطلاع والرحلة والحفظ والمعرفة والشهرة بذلك كله ونحوه ما لم يجتمع مثله لإنسان وأثنى عليه أئمة الأمصار وأهل الأعصار وإلى الآن واتفقوا على إمامته وفضيلته واتباعه لمن مضى بإحسان وأنه إمام في سائر علوم الدين مع الإكثار والإتقان وكان أولى بالأتباع وأحرى بالبعد عن الابتداع وقد صنف الناس في فضائله ومناقبه كتباً كثيرةً تدل على إمامته ورجحانه على غيره فلذلك ونحوه تعين الوقوف ببابه والانتماء إليه والاقتداء به والاهتداء بنور صوابه والارتداء بهديه في وروده وإيابه والاقتفاء لمطالبه وأسبابه والاكتفاء بصحبة أصحابه ولأن مذهبه من أصح المذاهب وأكمل وأوضح المناهج وأجمل لكثرة أخذه له من الكتاب والسنة مع معرفته بهما وبأقوال الأئمة وأحوال سلف الأمة وتطلعه على علوم الإسلام وتطلعه من الأدلة الشرعية والأحكام ودينه التام وعمله العام والثناء عليه من أكابر العلماء وشهادتهم له بالإمامة والتقدم على أكثر القدماء وإطنابهم في مدحه وشكره وإسهابهم في نشر فضله وذكره ولم يشكوا في صحة اعتقاده وانتقاده وأن الصحة تحصل بإخباره والنفرة بإنكاره والعبرة باعتباره والخبرة باختباره والخيرة لاختياره بل يرجعون في دينهم إليه ويعولون عليه ويرضون بما ينسب إليه ولو كذب عليه فلله الحمد إذ وفقنا لإتباع مذهبه والابتداء بتحصيله وطلبه وللانتهاء إلى الرضى به لصحة مطلبه وهذا وأمثاله قليل من كثير ونقطة من بحر غزير والغرض الحث على إتباعه ومعرفة أتباعه في العلوم واتساع باعه فرضي الله عنه وأرضاه وجعلنا من أتباعه وحشرنا في زمرة أتباعه وقد ذكرنا جملة من مناقبه وكلام العلماء في مدحه وإمامته في كتب أخرى ولو لم يقل فيه الناس سوى ما نذكره الآن لكان فيه أبلغ غاية وأنهى نهاية وفي بعضه كفاية قال الشافعي أحمد إمام في ثمان خصال إمام في الحديث إمام في الفقه إمام في القرآن إمام في اللغة إمام في السنة إمام في الزهد إمام في الورع إمام في الفقر وقال خرجت من بغداد وما خلفت بها أورع ولا أتقى ولا أفقه ولا أعلم من أحمد ابن حنبل وقال لأحمد أنتم أعلم منا بالحديث فإذا كان الحديث كوفيا أو شاميا فأعلموني حتى أذهب إليه وقال كل ما في كتبي حدثني الثقة فهو أحمد بن حنبل وقال يحيى بن معين والله ما تحت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير