تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فصل إذا اختلف على المستفتي فتيا مفتيين فأكثر ففيه مذاهب الأول أنه يأخذ بأشدها وأغلظها فيأخذ بالحظر دون الإباحة وغيرها لأنه أحوط ولأن الحق ثقيل مري والباطل خفيف وبي، والثاني أن يأخذ بأخفها لقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، وقوله وما جعل عليكم في الدين من حرج وقوله يريد الله أن يخفف عنكم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعثت بالحنيفية السمحة السهلة وقال أيضا أن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه والثالث يجتهد في الأوثق فيأخذ بفتوى الأعلم الأورع فإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع فمذهبان كما سبق والرابع يسأل مفتيا آخر فيعمل بفتوى من يوافقه للتعاضد كتعدد الأدلة والرواة لزيادة غلبة الظن والخامس يتخير فيأخذ بقول أيهما شاء مطلقا وقيل إذا تساوى المفتيان عنده فإن ترجح أحدهما تعين قوله وقيل عليه أن يجتهد ويبحث عن أرجح القولين وإن كان قائله مرجوحا فإنه حكم التعارض وقد وقع وليس كالترجيح المختلف فيه عند الاستفتاء فليبحث إذن عن الأوثق من المفتيين فيعمل بفتياه فإن لم يترجح أحدهما عنده استفتى الآخر وعمل بفتوى من وافقه الآخر كما سبق فإن تعذر ذلك وكان اختلافهما في الحظر والإباحة وقبل العمل اختار جانب الحظر والترك فإنه أحوط وإن تساويا من كل وجه تخير بينهما كما سبق وإن منعناه التخيير في غيره لأنه ضرورة وفي صورة نادرة ثم إنما نخاطب بما ذكرناه المفتيين والمقلدين لهما أو يسأل مفتيا آخر وقد أرشدنا المفتي إلى ما يجيبه به في ذلك وهذا يجمع محاسن الوجوه المذكورة مع التحقيق.

فصل إذا سمع المستفتي جواب المفتي لم يلزمه العمل به إلا بالتزامه ويجوز أن يقال إنه يلزمه إذا أخذ في العمل به وقيل يلزمه إذا وقع في نفسه صحته وأنه حق وهذا أولى الأوجه وإن أفتاه بما هو مختلف فيه خير بين أن يقبل منه أو من غيره سئل الإمام أحمد عن مسألة في الطلاق فقال إذا فعله يحنث فقال له السائل إن أفتاني أحد بأنه لا يخنث يعني يصح فقال نعم ودله على من يفتيه بذلك والأقرب أنه يلزمه الاجتهاد في أعيان المفتين ويلزمه الأخذ بفتيا من اختاره ورجحه باجتهاده ولا يجب تخييره والذي تقتضيه القواعد أن نقول إذا أفتاه المفتي فإن لم يجد مفتيا آخر لزمه الأخذ بفتياه ولا يتوقف ذلك على التزامه لا في الأخذ بالعمل به ولا بغيره ولا يتوقف أيضا على سكون نفسه إلى صحته في نفس الأمر فإن استبان أن الذي أفتاه هو الأعلم الأوثق لزمه ما أفتاه به بناء على الأصح في تعينه كما سبق وإن لم يتبين ذلك له لم يلزمه ما أفتاه به بمجرد إفتائه إذ يجوز له استفتاء غيره وتقليده ولا يعلم اتفاقهما في الفتوى فإن وجد الاتفاق أو حكم به عليه حاكم لزمه حينئذ.

فصل وإذا استفتى فأفتي ثم حدثت تلك الحادثة له مرة أخرى فهل يلزمه تجديد السؤال فيه مذهبان ولنا وجهان أحدهما يلزمه لجواز تغير رأي المفتي والثاني لا يلزمه لأنه قد عرف الحكم والأصل استمرار المفتي عليه وقيل الخلاف فيما إذا قلد حيا وإن كان خبرا عن ميت لم يلزمه وفيه ضعف لأن المفتي على مذهب الميت قد يتغير جوابه على مذهبه.

فصل ويجوز له الاعتماد على خط المفتي إذا أخبره من يثق بقوله إنه خطه أو كان يعرف خطه ولم يتشكك في كون ذلك الجواب بخطه وله أن يستفتي بنفسه وأن ينفذ ثقة يقبل خبره فيستفتي له.

فصل ينبغي للمستفتي التأدب مع المفتي وأن يجله في خطابه وسؤاله ونحو ذلك فلا يومئ بيده في وجهه ولا يقل له ما تحفظ في كذا وكذا أو ما مذهب إمامك فيه ولا يقل إذا أجابه وهكذا قلت أنا أو كذا وقع لي ولا يقل له أفتاني فلان أو أفتاني غيرك بكذا وكذا ولا يقل إذا استفتي في رقعة إن كان جوابك موافقا لمن أجاب فيها فاكتبه وإلا فلا تكتبه ولا يسأل وهو قائم أو مستوفز أو على حالة ضجر أو هم أو غير ذلك مما يشغل القلب ويبدأ بالأسن الأعلم من المفتيين وبالأولى فالأولى على ما سبق بيانه وقيل إذا أراد جمع الجوابات في رقعة قدم الأسن والأعلم وإذا أراد إفراد الجوابات في رقاع يبالي بأيهم بدأ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير