ويفهم من كلام ابن السرّاج أنّ له خصوماً كان يبادلهم العداء وذلك بيِّن في غير ما موضع من كتابه، من ذلك قوله: «من جُملة المناوئين لنا، والمترجحين علينا في العاجلة»،وهؤلاء الخصوم هم في الأغلب خصوم (أوليائه) من فقراء القلندرية، وقد قال معبّراً عن شعوره نحوهم: « .. ولذلك وأمثاله أحببنا كيف أمكن اعتزالهم، وكرهنا منازلتهم، وأبغضنا نزالهم، فليس في صحبتهم صلاح، ولا في قربهم فلاح، ولا في نجواهم نجاح. أبعد الله بيننا وبينهم المدى، وابتلى بجهالتهم العدى، وجعلنا ممن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى».
وقال: «فإن قلت لم ذكرت ذلك ومثله وأكثر العالم ينكرونه ويتسلطون على عرضك؟ .. »، ولا يتردد بين الحين والحين في مدح نفسه، كما قال في موضع من كتابه: « .. فإن قلت: لم باشرت الحكم بالبيرة وقلعة المسلمين وبهسنى المحروسات؟ ومن يصلح لمباشرة الثلاث لا يصلح للعلم بين يديك لفظاً ومعنى بل يستحق أن يشتغل عليك ثلاثين حجة، وإن كانت معرفته بعد ذلك بالنسبة إلى معرفتك لقاسية فجة؟ قلت: إن في ذلك لحكمة كما قدّمناه آنفاً، قد علمها أهل الباطن والتصريف، وأخّروا المستحق عن مناصبه، لما يجهله أهل الباطل والتحريف .. » (1).
شيوخه:
1 ـ أحمد بن شيبان الصالحي (ت 685 هـ) سمع منه (الأربعين) للقشيري (ت465هـ) (1)، وقد سمع منه ابن تيمية أيضاً والمزي (ت742هـ)، والبرزالي (ت737هـ) وغيرهم (1).
2 ـ عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري، تاج الدين (ت690هـ) وكان اشتغاله عليه سنة 684هـ، وهو ممّن سمع منه ابن تيمية، والمِزّي، والذهبي الذي أثنى عليه وذكر أنّ معظم فقهاء دمشق وما حولها، وقضاة الأطراف تلامذته (1). وقد مدحه ابن السّرّاج مدحاً عظيماً من ذلك قوله: « .. وأرجو أن ينفعني الله تعالى ببركته، وقد نفع نفعاً بالغاً، وجرى له معي أحوال بعد وفاته، وقد رأيته مراراً في المنام، وأشار إليّ بما لا يذكر، وبيني وبينه اتّحاد من جهة أعرفها، فإنه كان قابلاً للعلم الباطن» (1).
3 ـ أبوه علي بن عبد الرحححن بن عمر بن السّرّاج القرشي الدمشقي (مات قبل سنة715هـ) كان قاضياً.
4 ـ أدرك الإمام محيي الدين النووي (ت676هـ) وهو دون العاشرة، فذكر أنه من شيوخ أبيه وأنه كان يتردد إليه معه فسمع منه أشياء وأقرأه أشياء انتخبها بخطه في كراريس، قال: «ثم حجبني القدر عنه».
5 ـ محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة، بدر الدين (ت733هـ).
6ـ عبد الله بن مروان الفارقي، زين الدين (ت703هـ).
7 ـ محمد بن أبي البركات، تقي الدين، المعروف بابن القرشية (ت724هـ).
8 ـ محمد بن سالم بن واصل، جمال الدين الحموي (ت697هـ).
9 ـ أحمد بن محسِّن بن مَلِي الأنصاري البعلبكي، نجم الدين (ت699هـ) قال عنه الذهبي: « .. يخلُّ بالصلوات ويتكلّم في الصحابة نسأل الله السلامة» و « ... بلغني عنه عظائم» (1).
ولا يستبعد أنه أخذ عن غير هؤلاء ممن أخذ عنهم أقرانه من طلاب العلم بدمشق. أما شيوخه من الصوفية والقلندرية والمولّهين، فكثير كما يفهم من كلامه، من أبرزهم:
1ـ علي بن محمد بن أحمد الرفاعي أخذ عنه سنة 708 هـ إجازة الرفاعية وقال إنه لبس الخرقة من غيره مراراً.
2ـ عمر السنجاري (كان عمره سنة 715 هـ تسعين عاماً).
3ـ براق بابا (ت 707 هـ) الحيدري.
4ـ محمد المرستاني الحيدري وأظن أنه أخذ الحيدرية عنه (1).
مذهبه:
كان شافعياً في الفروع، أشعرياً في الأصول، قلندرياً رفاعياً في تصوّفه.
مؤلفاته:
1ـ «روضة الرواة وقدوة الهداة» اختصر فيه كتاب معرفة علوم الحديث لابن الصلاح (ت643هـ). ألفه سنة 690 هـ بدمشق.
2ـ «الالتماس لمزيل الالتباس» قال ابن رافع: «فيه حديث وتفسير»، ألّفه سنة 697هـ بدمشق.
3ـ «البحث المشاع في حكم السماع» ألّفه سنة 698هـ بدمشق.
4ـ «صفوة النظر في الاختصار لمحك النظر والافتكار».
5ـ «الصافي»، وهذا والذي قبله مختصر «محك النظر» و «المستصفى» للغزالي (ت505هـ). قال: «وكان اختصارنا لهما أواخر سنة 687هـ، وكان مبدأ اشتغالنا الثاني في سن الحداثة سنة 684هـ، فتكون مدة الاشتغال إلى حين التأهل لتصنيف ذلك وغيره من الفنون، نحو ثلاث سنين».
6ـ «مجاز الوصول إلى حقيقة المحصول» اختصر فيه جلَّ (المحصول) كما قال، و (المحصول) مؤلف للفخر الرازي (ت606هـ) وذلك سنة 688هـ بدمشق.
¥