تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإخال أنك ستوافقني القول، في احتمال كون ابن السَّرَّاج، هو الشخص المعني في كلام ابن شيخ الحزامين (ت711هـ)، الذي ذكر أن أحدهم ألّف في ابن تيمية كرّاسة يذمّه فيها، مع ذكر فضائل له، تعمية لسوء نيّته، وجعل يدور بها على بعض محبي ابن تيمية، ويقرؤها في خلوة عليهم (1)، وسيقوى عندك هذا الاحتمال إن استرسلت في القراءة وتأمّلت كلام ابن السَّرَّاج.

كانت عقلية ابن السَّرَّاج خرافية كما سيتّضح لك من النقول التي سأنقل لك بعضها، وانظر إلى حديثه عن رمز قلندري هو يوسف القميني، فبعد أن ذكر أن هذا الشيخ وقع نظره على أبيه وجدّه فأفلحا به غاية الفلاح، قال: «وخصنا الله تعالى من تلك البركة الموروثة، بما عمّنا بأنواع الرباح، وأوصاف الخير والنجاح ولذلك صار أكثر نصيبنا لما وفقنا الله تعالى لسلوك هذا الطريق الشريف من حال الصغر من المولهين، ولنا معهم أحوال وقضى لنا ببركتهم آمال.».

وقد قال شيخ الإسلام كلاماً ما أظنّه قصد به إلاّ ابن السَّرَّاج وأباه وجَدّه أو أمثالهم: « ... فهؤلاء يعمدون إلى الصبيان ويربّونهم على التوَلّه تربية، ويعوّدونهم الخروج عن العقل والدين عادة، كما يعوّد الأنبياء والصالحون أتباعهم ملازمة العقل والدين» (1).

وكان يقبل كل ما ورد من خزعبلات أوليائه وإن خالفت العقل والدين، فقد صدَّق أن هناك شجرة إن أكل من ورقها الشيخ الهَرِم عاد شاباً يافعاً، وأن شيخاً صوفياً تحوّل جسده إلى ذهبٍ وهَّاج وأنه أعطى شخصاً قطعة من جسده الذهبي، وأن شيخه تاج الدين الرفاعي نزل مرة إلى نهر دجلة ليغتسل وغاص وبقي في الماء حتى خاف عليه من كان معه، فلما صاحا مستغيثين طلع إليهم وقال: «يا أولادي والله وجدت تحت الماء سبعاً وسبعين طائفة من الجن وشرعت أتوّبهم وأقصّ شعورهم، وأنتم أزعجتموني» وكان في يده كثير من شعور الجن (1)!.

وكان يصدق بوجود الغول، لأن كرامة لأحد أوليائه ورد فيها ذلك (1)، ويسوّغ للقائلين بـ «الشاهد» من الصوفية انحطاطهم الخلقي في تتبع الجمال البشري، والتعبد بذلك، وذلك في قصة يرويها عن شيخه عمر السنجاري وكيف تعرّف على المولّه القلندري مبارك الهندي (ت689هـ)، الذي كان تاجراً في بدء أمره، ثم تولّه لأنه كان يلازم الوقوف والنظر إلى وجه عمر السنجاري، الذي أخبر عن نفسه: أنه كان فائق الحسن والجمال.

والمهم في الأمر؛ أن ابن السَّرَّاج شعر أن هذا الذي حكاه سيُعترض عليه من قِبل أهل الشريعة، فقال: «فإن قيل ما سبب نظره إلى صورة الشيخ عمر السنجاري وخروجه من الدنيا بعد ذلك؟ قلنا: فيه أسرار، منها: أن الصانع يعرف بمصنوعاته ويستدل عليه بها، ومنها أن الصور مظاهر لمعانٍ، ومنها أن بعض النفوس تجذب إلى الجانب الإإإهي بنظر المحاسن، وبعضها يجذب بسماع المطربات، وبعضها بالمواعد الحسنة، وبعضها يجذب بالتخويف، والتهديد، والاطلاع على أنواع المفزعات، وبعضها يجذب بالابتلاء والامتحان، إلى غير ذلك ولولا خروج الكتاب إلى حد الإطالة لشرحنا ذلك وغيره، ثم انظر خاصية النظر كيف حصل تأثيره في الناظر والمنظور، وكيف كان الاستعداد من الجهتين، ثم إن النظر في ذلك إلى ما يعرفه الخواص المؤيدون بقوة الله تعالى، المبرؤون من ظن السفلة وطعن الجهلة ... » (1).

وقال وهو يعلل غرام قائل بالشاهد كان مولعاً بالمردان: «إن الصبيان أقرب إلى رؤية النور الإلهي، والإنعمال الكلي، للمعنى الرباني الذي أودعه الله تعالى في أوليائه، وخزنه في قلوب أصفيائه. يعلم ذلك من هداه الله، ويعتقده من أيّده الله» (1).

وكان يبرر أيضاً تجسس بعض الصوفية وأكثر القلندرية للمغول وعمالتهم لهم، قال: « .. فإن قيل: نريد أن نعرف عذر من يخفر غير الإسلام قلنا: من جملة الأعذار بعد: {وما فعلته عن أمري} أنهم مع المشيئة الربانية، وخفراء الإسلام مع المشيئة والشريعة فهم أكمل، وفيه نظر تركناه لعارفه» (1).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير