ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[11 - 03 - 06, 12:15 م]ـ
أما أشعريته التي زادت من اضّغانه وحقده وكذبه فظاهرة عند حديثه عن الصفات الإإإهية الواردة في الكتاب والسنة، فقد جرى على طريقة الخلف من إنكار المعاني الظاهرة وحملها على المجاز، ثم قال: « .. ولقد تاه في ذلك خلق كثير، وأضاعوا الزمان فيما لا يفيد، وفرّقوا كلمة المسلمين، وشعثوا سبيل المؤمنين، وادّعى كل منهم العلم والفضل والمزيّة، والتفرّد بالدرجة الفائقة، والرتبة العليّة.
والصواب العدول عن سبيلهم، والتبرؤ من قبيلهم، وخاصة من أشاع مثل ذلك بين العوام، وتلا متشابه سوره على من عساه لا يفهم مراد عشيره من واضح الكلام، وهو يعلم أن ذلك لا يصلح إلا لذوي النهى والأحلام، وكل خبير ناقد من الأعلام.
ولقد كنت متوقفاً في بعض أحوال شخص من أقراني، يعاود البحث في ذلك ويعاني، ويزيد عن الحد، ويجعل الولد اللاحق سابقاً على الجد، مع أنه عالم فاضل، سابق ناضل، فيه دين وتقوى، وبه يعتضد العلم ويقوى، وعنده دربة وتمهيد، ولديه تثقيف وتسديد، ولكنه قد أولع بالخلاف المخلّ، وأغري بالمقال الممل، وقارب بمعكوس تدبره سلوك الطريق المضل.
إلى أن رأيت في المنام بدمشق حرسها الله، أوائل سنة (704هـ) أن أخي في السِّنِّ وخدمة العلم الشيخ الإمام العلامة كمال الدين أبي عبد اللهمحمد بن الشيخ علاء الدين أبي الحسن علي بن الزملكي الأنصاري الدمشقي الشافعي (ت727هـ) (1) أيّده الله تعالى قد جاء إلى منزلي، وقال: أُمرت أن آتيك وأدعو الله أنا وأنت، فدعونا واتّفق حصول طيب لا يمكن وصفه ثم سألته فقال: استأذنت الله تعالى في أن أمضي إلى فلان يعني الشخص المشار إليه (1) وأدعو الله أنا وإياه فلم يأذن لي، وقال: إني لست معه ولا عنده ولكن امض إلى فلان ـ يعني العبد الضعيف ـ فإني معه وعنده.
فقلت: هل ذكر لك علة المنع؟ فقال: قال لي عنه إن ذلك من أجل اعتقاد يعتقده. فعند ذلك علمت أن ذلك الشخص مغرور.
ولقد آلم قلبي ذلك!! ووددتُ نصحه وإعلامه، لكن تحققت أنه لا يفيد فيه القول، بل يحمله على المبالغة في الأذى والتحيل على قلب الرؤيا وردها على الناصح، وجعلها من تلبيس إبليس، إلى غير ذلك مما يشوِّش الباطن والظاهر، ويعكس الأوّل والآخر، كعادة أمثاله ممن قد أعجبته نفسه، وفسد حاله .. » (1).
وقال في سياق حديثه عن السماع والتواجد: « ... وأما في زماننا هذا، فقد رأينا في أيام الجمع وغيرها من يظهر عليه وجد، أو يبدو منه صياح ونحوه في حال الخطبة، أو عند سماع قرآن، أو ذكر، أو غير ذلك، فيبادر إليه المنكرون ويؤذونه، وربما شتموه ولعنوه، ورأيت بعض الفضلاء الظاهريين، يقوم إليه ويعرك أذنيه، ويقرأ قوله تعالى: {آآآ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ااا تَفْتَرُونَ} (1).
ثم قال: « .. فإن قلت: هل رأيت من تأثير فعل هؤلاء وأفكارهم ما ليس بالمنكر شيئاً؟ قلت: نعم، رأيت من تبعهم في ذلك من جهلة العامة والمتفقّهة والمتفقّرة، ورأيت من بعض أتباعهم أمراء، ونوّاب قلاع حصينة معدودة مذكورة مشهورة، لهم صيت وصَوْلة عظيمة، وزادوا في شنيع الاتباع الذي وافق اعتقاداتهم الرذيلة، وطبائعهم الكفرية، بحيث لم يبق في البلاد التي يحكمون عليها صالح يتجاسر أن يمكن حالاً يطرأ له من ظهور أصلاً، لا عند سماع الخطبة، ولا عند سماع القرآن، ولا الذكر، ولا التسبيح في الأسحار، بل صار كل منهم إما أن يبتعد من ذلك، وإما أن يتقرب ويتمغص بحاله إلى أن يكاد يهلك.
واشتهر ذلك وتفاحش عدة من السنين، اتباعاً لبعض المنكرين من الفضلاء الظاهرية بدمشق، لكونه وافق طبعه الرديء، وقلبه الدنيء، ودينه الفرعوني، حتى إنه لم يبق أحد يقدر أن يسلك سبيل معروف أصلاً، لئلا يُحضره ويستهزىء به أو بمن علّمه، ثم يهينه ويتهدّده ويستتيبه عن الخير جملة. هذا مع ظهور المنكرات في بلده، وتفاحشها والإصرار عليها، والإقبال بكل وجه إليها (1).
وكذلك أيضاً تسلّطوا على الفقراء بأجمعهم (1) وآذوهم وضربوهم ونفوهم وأبعدوهم وأوعدوهم، وحرموا الإحسان إليهم جملة كافية، وأولوهم من بلاياهم أقساماً وافية، وربما أن العبد الضعيف فاوض بعض هؤلاء المقتدين، وذكر له ما جاء في اتباع سبل المعتدين.
¥