تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان ابن السَّرَّاج بدمشق سنة704هـ ويحتمل أنه بقي بها إلى سنة705هـ، وحضر المناظرة الكبرى بين شيخ الإسلام ابن تيمية والرفاعية ومن كان معهم من ضروب القلندرية، وقد نقل كلاماً لأبي العباس كأنه سمعه منه حينئذ قال: « .. ثم إنه قال: وإنه يكون بأرض الهند ضرب من الزط يفعلون هذا، وهؤلاء المتولهون والمنتسبون إلى بعض الشيوخ إذا حصل لهم وجد سماعي، كسماع المكاء والتصدية، فمنهم من يصعد في الهواء، ويقف على زج رمح، ويدخل في النار، ويأخذ الحديد المحمى ويضعه على بدنه، ولا يحصل له هذا الحال عند الصلاة ولا عند الذكر، ولا قراءة القرآن، لأن هذه عبادات شرعية إيمانية إسلامية محمدية تطرد الشياطين، وتلك عبادات بدعية شركية شيطانية فلسفية تستجلب الشياطين، (قال ابن السَّرَّاج) إلى كلام طويل يكفي منه هذا الذي حكيناه».

وكان قد نقل قبل ذلك (كرامة) قلندري رفاعي يقال له: محمد الرصافي، وكان من أمره: أنه كان يظهر شرب الرصاص المذوّب، ويتمرّغ في النار، ويأخذ ورقة بيضاء أو غير بيضاء ـ كما يروي ابن السَّرَّاج ـ فيضعها في كفه ثم يقرأ عليها فتخرج درهماً فضة صافية، ثم يريهم إياه، ثم يفركه أخرى فيخرج مسكوكاً بسكة الوقت الحاضر.

وقال: « .. فإن قال ضدٍّ لشدة بغضه، وشنيع تعصبه: لم أسمع بهذه الأحوال، ولا أظنها صحيحة فقل: ارجع إلى المشايخ والمقتدين والمدرسين والمعيدين، وأذهب عمرك في التحصيل والتمرين، حتى تعرف ولم تكن من الجاهلين، وامش على قدرك، واعرف منزلتك، ولاتخض مع الخائضين الذين بلغ بهم الحسد لهذه الطائفة الربانية الإإإهية (1) إلى أن قالوا: إنهم سحرة، وإن خيارهم كذّابون مكرة، وإن كراماتهم خزعبلات وحيل الأباطيل الشيطانية. أولم يعلموا أن الفرق المخالفة لاتطيق القدح بأكثر من هذه الأقوال الهذيانية» إلى أن قال: « .. فإن قيل من تكلم في هؤلاء بما لا يليق؟ ومن الذي أقدم بقدحهم على نار الحريق؟ فقل: تكلم فيهم بعض المتقدمين، ورأينا بعض فضلاء زماننا تكلم فيهم بقلمه ولسانه منذ عدد من السنين، ولقد والله كان غنياً عن هذه المقالة، ولو لطف الله تعالى به لسأله حسن الإقالة.

وإني ـ والله ـ لأوثر له ولمثله من المسلمين من هذه الأمور السلامة، وأودُّ لهم ـ لله تعالى ـ أن يبعدوا عنهم العتب والملامة، ونحن نحكي بعض أقواله، ونسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعنه وعن أمثاله».

ثم نقل بعض رأي أبي العباس ـ رحمة الله عليه ـ فيهم، وكلامه عليهم، ثم قال: « ... ونحن نقول ونقسم بالله العظيم: إنا نعتقد أن هذا الكلام القبيح الشنيع لا يليق بصغير مبتدىء بين يدي قائله، وإني والله والله والله ـ ثلاثاً ـ الذي لا إإإه إلا هو الرحمن الرحيم لأحزن كل الحزن، وأتأسف كل الأسف على مثل هذا الرجل الفاضل، من أجل صدور مثل هذه الأقوال عنه مع علمه وفضيلته، كيف يرضى لنفسه أن يتكلم في مثل هذه الطائفة التي قد شرّفها الله تعالى يقيناً؟ وأظهر لها آيات، وأقام على صدقها بيّنات، مع علمه بأنَّ أحداً لا يوافقه على مقالته، ولا يستحل أن يقدم على الحق فيقيم الباطل في قبالته. يا لها من حسرة على الفضلاء الذين خسروا فضائلهم، ولم يأمن الحق وأهله غوائلهم .. ».

ثم قال بعد تحدٌّ فارغٍ: « ... فما بالشقشقة، واللقلقة، والتلفيق، والتزويق تمحو محاسن الإسلام ... » (1).

وحين تحدث عن فضائل دمشق، وأتى بكثير مما لا يصح منها، قال: « ... ولا تغتر بقول بعض العلماء النابغين في زماننا: لم يثبت من هذه الفضائل شيء ولا أثر لها. فإن مثل ذلك لا يفتقر إلى الثبوت، ومُنكره معاند. وإنما أولئك يريدون محو محاسن دمشق حسداً من عند أنفسهم من بعدما تبيّن لهم الحق» (1).

وقال وهو بصدد إثبات فكرة الأبدال لدى الصوفية: « ... ومنها أنهم سمّوا به (بدلاً) لأنه كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً. وهذا ردّه بعضهم وقال: لو صحَّ ما نقض الدين. ثم أخذ في تضعيفه، وقال: ليس من أمر الدين ولا أصل له ثابت. وأكثر من ذلك.

ونحن نقول: بل قوله مردود، ولهذا الحديث أصل، وليس في إثباته محذور من نقض قاعدة أو تبديل سنة أو غير ذلك. بل من رده حاسد مبغض لأهل الحق وأصحاب ( ... ) (1) الذي ليس لحاسدهم منه ذرة من النصيب. لايكاد يخفى ذلك ولاعن الحمير!! وإن لم تؤمن بما نقوله فعليك بالمنصف الخبير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير