أما ما خصه الله به من كرامته بنبوته ورسالته وما شرفه به وعظمه ورفع به قدره وذكره فهذا لا يوجب إخراجه صلى الله عليه وسلم من طور العبودية إلى مقام معبوده سبحانه بل هو عدو من فعل به ذلك فهذا منا قض لأصل دينه يتبرأ ممن فعل به ذلك يوم القيامة قال تعالى: ? وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ? فهذه الآية عامة فيمن أشرك مع الله غيره بدعاء مسئلة أو عباده أو غير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله لكن المراد هنا قوله تعالى: ? وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ?. فالنبي صلى الله عليه وسلم أولى وأحق من يكفر بشرك من أشركه مع إلهه الحق الذي بعثه لمحق هذا الشرك ومعاداة أهله والبراءة منهم.
تعالى: ? وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ
الرَّسُولُ ? ولم يقل: واستغفروا الرسول وهذا يقول: جئتك مستغفرا. فقاتل الله عباد القبور حيث غيروا دين الله وبدلوه.
أما قوله:
هذا نزيلك أضحى لا ملاذ له
إلا جنابك يا سؤلي ويا أملي
نفى أن يكون له ملاذا ألا الرسول صلى الله عليه وسلم فقد نسي ربه وصرف عبودية قلبه لغيره. والعياذ واللياذ والالتجاء كل هذا عبودية لا تصلح لمخلوق فتأمل ما يفعل الغلو بأهله.
وقوله:
يا مكرمي الضيف يا عون الزمان ويا
غوث الفقير ومرمى في الطلب
النبي صلى الله عليه وسلم له الكمال وهو في الذروة العليا من جميع خصال الإيمان ومكارم الأخلاق وقد أمر بإكرام الضيف وهو أولى بفعل ما يأمره به وترك ما ينهى عنه من غيره وقد كان ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم فما بال عباد القبور يطلبون منه إكرام الضيف بعد موته؟ ثم إن هذا الضيف مستحق للإهانة لا للكرامة حيث جاء إلى المخلوق ميت ورفعه إلى منزلة خالقه وجعله عون الزمان وغوث الفقير ولا ملاذ له هو فأسقط حق الإله لعبده.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[11 - 03 - 06, 01:46 م]ـ
أما قوله:
هذا مقام الذي ضاقت مذاهبه.
فمقام من ضاقت مذاهبه ليس قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو بين يدي من يجيب المضطر إذا دعاه ومن يقول ((ادعوني أستجب لكم)).
وإذا كان هو صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول: يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح ليه شأني كله ولا تكلني إلا نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك)) فكيف يصلح هو شأن غيره ويفرج ضيقه وهو يسأل ربه ذلك ضيقه وهو يسأل ربه ذلك لعلمه أنه لا يستطيعه لنفسه فضلا عن غيره ويسأل ربه ألا يكله إلى نفسه طرفة عين لعلمه أنه لو وكل إلى نفسه لهلك.
وقوله:
وأنتموا في الرجاء من أعظم السبب.
الرجاء أحد أركان العبادة الثلاثة وهي: الحب والخوف والرجاء وتعليقه بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك.
وذكر قصيدة من سماه: ((الإمام الطريري)). قال فيها:
فالآن ليس سوى قبر حلك به
منجي الطريد وملجاء كل معتصم
نفى عما سوى فبر النبي صلى الله عليه وسلم إنجاء الطريد وإلجاء المعتصم فما الذي أبقاه لله عز وجل هذا الضال المضل.
أما علم هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم يتبرأ من شركهم هذا ويعاديهم من أجله أعظم العداوة؟
أما نفى عن نفسه ما هو أقل من ذلك؟ حيث قال صلى الله عليه وسلم لمن قال له: ما شاء الله وشئت: أجعلتني ندا بل ما شاء الله وحده. وقال لا بنته فاطمة: لا أغني عنك من الله شيئا.
لقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة بعباده ولطفا بهم وإحسانا لتتجه قلوبهم إليه وتتعلق به وحده دون من سواه فأبى الظالمون إلا كفورا. وبعثه لمحق هذا الشرك وإبطاله وأوحى إليه قوله تعالى: ? قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ?.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[11 - 03 - 06, 01:47 م]ـ
ثم قال:
هذا عطاؤك فاغمرنا بمنهله
فقد مددنا أكف الفقر والعدم
¥