ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[11 - 03 - 06, 03:13 م]ـ
فصل
بعض من ينتسب إلى السلف يخطئ عليهم ويهم في قوله وفعله، ومن ثم يكون مدخلا لأهل البدع في الطعن في منهج السلف وعقيدتهم يهم بالتشبيه أو التجسيم أو التأويل أو غير ذلك:
فبعض المنتسبين إلى السلف يفوض بعض الصفات وينسب ذلك إلى السلف ...
وبعضهم يحرف بعض الصفات ويعزو ذلك إلى بعض أئمة السلف ...
وبعضهم يوافق الجهمية والأشاعرة في بعض أصولهم لظنه صحة هذه الأصول () ...
وبعضهم يغلو في الإثبات ظنا منه أن هذا هو الطريق المستقيم ...
وبعضهم يصف الله تعالى معتمدا على حديث ضعيف أو موضوع؛
لعدم علمه بالحديث، فيقع في ورطات ومشكلات.
وأقوال هؤلاء القوم محسوبة- عند من لا يعرف مذهب السلف- من أقوال أهل السنة؛ لا نتساب أصحابها إلى الحديث وأهله، ولكن لما لم يكن لهم من العلم والمعرفة بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة؛ أساؤوا إلى السلف؟ لعزوهم ما يأتون به من الباطل إلى السلف، مع حسن قصد الكثير منهم.
وبعضهم يزعم أن الذي يقوله في ذلك هو مذهب أحمد وقوله، وهذا خطأ على أحمد وعلي غيره من علماء السلف.
وبسبب هذه الأخطاء التي تنسب إلى السنة وإلى علمائها- مع براءة السنة وأهلها منها- طعن بعض أهل الباطل في مذهب السلف، وسماه مذهب التجسيم أو التشبيه!!
وهذا من الجور والظلم؛ فخطأ من أخطا ممن ينتسب إلى السنة لا ينسب إلى جميع علماء السلف، ولا تنسب الأقوال الباطلة إلى مذهبهم؛ كما أن المسلم إذا فعل منكرا؛ لا يقدح ذلك في دين المسلمين، ولا ينسب المنكر إلى دينهم ().
ولذلك كله؛ الواجب أن لا يتكلم المرء إلا بعلم؛ لئلا يكون عارا على مذهبه، ويتخذ مذهبه بسبط غرضا لأهل الأهواء.
وابن الجوزي- عفا الله عنه- في كتابه ((دفع شبه التشبيه)) رد على أبي عبد الله بن حامد وصاحبه القاضي أبي يعلي وابن الزاغوني، وقال (ص 99): ((صنفوا كتبا شانوا بها المذهب ... ))، وطعن عليهم ابن الجوزي في أشياء كثيرة؛ بحق وبغير حق، وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكرها وبيانها، وتعلق ببعض الأخطاء التي وقعت من القاضي وغيره ممن ينتسب إلى مذهب السلف ويعظم علماء السلف، حتى قال ابن الجوزي (ص 101) ((وكلامهم صريح في التشبيه)).
والقاضي أبو يعلي وغيره ممن! د تعظيم السلف عندهم بعض الأخطاء؟ كالتفويض، والغلو في الإثبات، ونحو ذلك ()، ومم مع ذلك أحسن حالا من ابن الجوزي، ولكن عندهم بعض الأخطاء التي يزعمون أنها أقوال أحمد وغيره من علماء السلف، وقد تعلق بها بعض أهل الباطل؛ للطعن في مذهب السلف الصالح، ورمي أهله بالتجسيم!!
ووقوع القاضي أو غيره ممن يعظم مذهب السلف في التفويض أو الغلو في الإثبات لا يسوغ لأي إنسان أن يطعن في مذهب السلف، أو ينسب أخطاءهم إلى السلف، بل عليه أن يبين خطأهم بعلم وعدل؛ دون ظلم وجهل.
ولما لم يكن لابن الجوزي- عفا الله عنه- معرفة بحقيقة مذهب السلف عموما، وما عليه الإمام أحمد رحمه الله خصوصا؛ ظن أن كل ما قاله أبو يعلى وابن الزاغوني تشبيه، فنفى- عفا الله عنه- كثيرا مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم بدعوى تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين؛ لأن وصف الله تعالى بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم في تشبيه عند ابن الجوزي؛ فنفي الصفات من قبل ابن الجوزي وغلوه في نفي التشبيه أوقعه في مذهب النفاة، من الجهمية وغيرهم، وقد تكلف الصعاب لصرف الآيات والأحاديث عن ظواهرها، وأتى بتأويلات مستكرهة، ووقع في أمور عظام؛ كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ().
والحاصل أنه يجب على المرء أن لا ينسب إلى السلف إلا ما تيقن صحته وعلم مخرجه؛ لئلا يقولهم ما لم يقولوا، فيسيء إليهم بخطئه.
¥