تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويجب ذكر الورد مرة في الصباح ومرة في المساء بطهارة تامة كما يشترط في الصلاة، ويكون الذاكر جالساً كجلسة التشهد على الأفضل مغمضاً عينيه مستحضراً صورة الشيخ أحمد التجاني وهو رجل أبيض مشرب بحمرة ذو لحية بيضاء، ويتصور في قلبه أن عموداً من النور يخرج من قلب الشيخ ويدخل في قلب المريد.

أما الوظيفة فيجب أن تذكر جماعة بصوت واحد، إن كان للمريد إخوان في بلده، فإن لم يكن له إخوان تجانيون في بلاده جاز له أن يذكرها وحده مرة في كل يوم.

وأخبرني المقدم الشيخ عبدالكريم المنصوري ببعض فضائل هذا الورد وسأذكرها فيما بعد إن شاء الله واستمررت على ذكر الورد والوظيفة بإخلاص ملتزماً الشروط مدة تسع سنين، وهناك ذكر آخر يكون يوم الجمعة متصلاً بغروب الشمس وهو: لا إله إلا الله ألف مرة، والأفضل أن يكون معه سماع قبله أو بعده، وهو إنشاد شيء من الشعر بالغناء والترنم جماعة ثم يقولون جميعاً: الله حي، والمنشد ينشدهم وهم قيام حتى يخلص عند تواجدهم إلى لفظ آه، آه، آه، ويسمون هذه الحالة العمارة، وقد تركوها منذ زمان طويل لأن أبناء الشيخ التجاني لا يستعملون هذه العمارة، وهم يأتون من الجزائر إلى المغرب وقد أشاروا على المغاربة أن يتركوا العمارة لأنهم لا يستحسنونها، ولكن في كتب الطريقة أنها فعلت أمام الشيخ أحمد التجاني وبرضاه وإقراره.

وكنت كلما أصابتني مصيبة أستغيث بالشيخ فلا يغيثني، فمن ذلك أني كنت في الجزائر مسافراً من ناحية (بركنت) بقرب حدود المغرب إلى (المشرية)، وكان لي رفيق له جمل فعلقه وأوصاني بحراسته وتركني في خيمة وقلنا فيها من خيام أهل البادية، فانحل عقال الجمل وانطلق في البرية فتبعته فأخذ يستهزئ بي، وذلك أنه يبقى وقفاً إلى أن أكاد أضع يدي على عنقه ثم يجفل مرج واحدة ويجري مسافة طويلة ثم يقف ينتظرني إلى أن أكاد أقبضه ثم يهرب مرة أخرى وذلك في نحر الظهيرة وشدة الحر، فقلت في نفسي: هذا وقت الاستغاثة بالشيخ فتضرعت إليه وبالغت في الاستغاثة أن يمكنني في قبض الجمل وإناخته فلم يستجب، فعدت على نفسي باللوم واتهمتها بعدم الإخلاص والتقصير في خدمة الطريقة ولم أتهم الشيخ البتة بعجز عن قضاء حاجتي، ومع أن شيوخ الطريقة يوصون المريد أن لا يطالع شيئاً من كتب التصوف إلا كتب الطريقة التجانية وقع في يدي مجلد من كتاب (الإحياء) للغزالي فطالعته فأثر في نفسي واجتهدت في العبادة والتزمت قيام الليل في شدة البرد، فبينما أن ذات ليلة أصلي قيام الليل أمام خيمتي الصغيرة التي كنت جالساً فيها يكاد رأسي يمس سقفها إذ رأيت غماماً أبيض سد الأفق كالجبل المرتفع من الأرض إلى السماء وأخذ ذلك الغمام يدنو مني آتياً من جهة الشرق -وهي قبلة المصلي في المغرب والجزائر- حتى وقف بعيداً مني وخرج منه شخص وتقدم حتى قرب مني ثم شرع يصلي بصلاتي مؤتماً بي، وثيابه تشبه ثياب جارية بنت خمس عشرة سنة، ولم أستطع أن أميز وجهه بسبب الظلام.

ولما شرع يصلي معي كنت أقرأ في سورة ألم السجدة ففزعت وخفت خوفاً شديداً، فخرجت منها إلى سورة أخرى أظنها سورة سبأ، ولم أستطع قراءة القرآن مع شدة حفظي له بسبب الرعب الذي أصابني، فتركت السور الطوال وأخذت أقرأ بالسور القصار التي لا تحتاج قراءاتها إلى رباطة جأش واستحضار فكر. فصلى معي ست ركعات، ولم أرد أن أكلمه، لأن كتب الطريقة توصي المريد أن لا يشتغل بشيء مما يعرض له في سلوكه حتى يصل إلى الله، وتنكشف له الحجب فيشاهد العرش والفرش، ولا يبقى شيء من المغيبات خافياً عليه، ولما طال علي زمان الاضطراب دعوت الله في سجود الركعة السادسة فقلت: يا رب إن كان في كلام هذا الشخص خير فاجعله هو يكلمني، وإن لم يكن في كلامه خير فاصرفه عني، فلما سلمت من التشهد بعد الركعة السادسة سلم هو أيضاً، ولم أسمع له صوتاً ولكني رأيته التفت عند السلام إلى جهة اليمين كما يفعل المصلي المنفرد على مذهب المالكية، فإنه يسلم مرة واحدة عن يمينه، السلام عليكم دون أن يضيف إليها رحمة الله وبركاته، وإن كان مؤتماً بإمام يسلم ثلاث تسليمات إن كان بيساره مصل تسليمة عن يمينه وهي تسليمة التحليل وتسليمة أمامه للإمام، وتسليمة ثالثة عن شماله للمصلي الذي يجلس عن شماله وقد ثبت في الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الحافظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه السلام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير