تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كلمة التحرير (السنة الرابعة عشرة -العدد الرابع والخمسون)]

ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[02 - 04 - 06, 06:59 م]ـ

تأليف:

عبد الله بن عبد الله الزايد

دراسة وتحقيق:

الناشر:

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

السنة الرابعة عشرة -العدد الرابع والخمسون

عدد المجلدات:

[1]

ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[02 - 04 - 06, 06:59 م]ـ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه.

أما بعد. فإن الخير والشر ضدان لا يجتمعان، والخير حق والشر باطل، وهما في الضدية في صراع لا يهدأ، وتصير الغلبة لأحدهما على الآخر دوليك، وإنما تحصل هذه الغلبة على أيدي البشر أنفسهم لكن الحق يمتاز بالغلبة على الباطل بأن الله تبارك وتعالى يكون مع أهله ما صدقوا معه، فلا يخضع النصر للقوة المادية بالمقاييس البشري، بخلاف الباطل فإنه لابد لتفوقه من أمرين: القوة المادية الكاسحة وغفلة أهل الحق عن الأخذ بما أمر به الله من الأسباب الإيمانية والقوة المادية التي أمر الله عباده أن يهيئوا لأعدائهم بالإعداد لهم بحسب الاستطاعة.

وبهذه المقدمة يتبين أن واقع المسلمين اليوم مع أعدائهم إنما هو محصلة لهذين السببين.

وما حصل من خلل في بنية المجتمع البشري إنما المسؤول عنه غيبة الإسلام عن حكم واقعهم.

إن الإسلام لا يقر الظلم بجميع صوره وأشكاله يمارس ضد أحد، فالظلم حرام سواء كان ذلك بطريق مباشر أو بغير طريق مباشر، ومن أجل ذلك تأسست الحدود الشرعية لمنع الظلم وكبح جناح الظالمين الذين يزاولون الظلم ضد أمن البشرية في دينها وفي كيانها وفي عقولها وفي كل ما يتصل بحياتها.

ومن ذلك أن الله تبارك وتعالى خمر الخمر تحريما قاطعا بحيث لا يقرب الإنسان حماها، لأنها فضلا عن إصابتها العقل – مناط الإدراك في الإنسان – بالشلل بحيث يعيش منقادا لغيره عديم الإرادة كالحيوان، فإنها توقع العداوة والبغضاء بين الذين سقطوا في

ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[02 - 04 - 06, 07:01 م]ـ

تعاطيها، وتصدهم عن الله صدا كبيرا، يقول جل ذكره {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}.

وبينت السنة النبوية المطهرة العقوبة الواجبة التي يستحقها من يشرب الخمر حماية لعقول الأمة وتجنيباً للعلل والأسقام عن الفتك بصحة أجسامها وأخلاقها بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من ساهم في إبراز الخمر إلى حيز الوجود وإعدادها لتكون في متناول الشاربين، فلعن عاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها، ومعنى هذا أن كل من يسهم بنصيب في تيسير أمر تعاطيها تنسحب عليه لعنة الله التي تتضمن طرده من رحمته.

وإن أخطر من ينالهم شر هذه الخمر المتوهج، إنما هو الشباب الذي تعلق عليه الأمة عريض أمالها وتعهد إليه فيما بعد جسام مسؤولياتها، إذا لو أن الخمر ملكت عليه نفسه وأصرت لبه وتمكنت من قلبه لأفسدت عليه حياته وقوضت عليه أركانه ومن ثم ضاعت ما كانت الأمة تأمله فيه من خير.

ويلحق بالخمر في حكمها وآثارها الخطيرة كافة المخدرات والمفترات ومشتقاتهما من بيرة وحشيش وأفيون وكوكايين وقات وما شاكل ذلك بأي اسم وبأي لون مما يعد من أكبر المعاول في تدمير صرح الأمة والقضاء على كيانها.

والله تبارك وتعالى حين كلف المكلفين خاطب فيهم العقل الواعي، فإذا أهلك هذا العقل فبأي شيء يعي الإنسان ويعقل عن الله؟ ألا إنه يصير في تلك الحال كالحيوان الأدنى {أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير