ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[02 - 04 - 06, 08:25 م]ـ
المطلب الثاني: الأدلة من الكتاب والسنة على سكرات الموت
منكم من أهليهم حينئذ إليهم ينظر، ونحن أقرب إليه بالعلم والقدرة والرؤية منكم، ورسلنا الذي يقبضون روحه أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون، فلولا إن كنتم غير مربوبين ومملوكين وغير مجزيين ترجعون تلك النفوس التي بلغت الحلقوم عند سكرات الموت إلى مقرها الذي كانت فيه، إن كنتم صادقين بأنكم غير مربوبين ولا مجزيين، ولن ترجعونها فبطل زعمكم1.
قال ابن كثير ت774هـ في تفسير هذه الآيات:
يقول تعالى {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ} أي الروح {الْحُلْقُومَ} أي الحلق، وذلك حين الاحتضار، كما قال تعالى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ. وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ. وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ. وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}؛ ولهذا قال ههنا {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} أي إلى المحتضر، وما يكابده من سكرات الموت {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} أي بملائكتنا {وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ} أي ولكن لا ترونهم، كما قال تعالى في الآية الأخرى {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ. ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} 2، وقوله تعالى: {فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} معناه فهلا ترجعون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول، ومقرها من الجسد، إن كنتم غير مدينين”3.
6 - وقد روى ابن كثير ت774هـ عن جماعة من السلف أن المراد بقوله تعالى {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً} 4: الملائكة حين تنْزع أرواح بني آدم، فمنهم من تؤخذ روحه بعسر، فتغرق في نزعها، ومنهم من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
1 انظر جامع البيان في تفسير القرآن 27/ 120، 121، ومعالم التزيل 4/ 290، 291.
2 سورة الأنعام، الآيتان 61، 62.
3 تفسير القرآن العظيم 4/ 301.
4 سورة النازعات، الآيتان 1 وَ 2.
ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[02 - 04 - 06, 08:26 م]ـ
المطلب الثاني: الأدلة من الكتاب والسنة على سكرات الموت
تؤخذ روحه بسهولة، وكأنما حلته من نشاط1.
وقال ابن تيمية ت728هـ: “وأما {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً} فهي الملائكة القابضة للأرواح، وهذا يتضمن الجزاء، وهو من أعظم المقسم عليه”2.
وقال البغوي ت516هـ: “ ... {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً}: يعني الملائكة تنْزع أرواح الكفار من أجسادهم، كما يغرق النازع في القوس، فيبلغ بها غاية المدّ، وقال ابن مسعود: ينْزعها ملك الموت من تحت كل شعرة ومن الأظافر وأصول القدمين، ويرددها في جسده بعدما ينْزعها حتى إذا كادت تخرج ردها في جسده بعدما ينْزعها، فهذا عمله بالكفار ... ، {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً} هي الملائكة تنشط نفس المؤمن، أي تحل حلاً رفيقاً فتقبضها، كما ينشط العقال من يد البعير، أي يحل برفق”3، وروي في تفسيرها غير ذلك4.
7 - قوله تعالى {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ. وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ. وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ. وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} 5.
دلت هذه الآية على سكرة الموت؛ فقوله {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ} أي النفس
{التَّرَاقِيَ} فحشرج بها عند سكرات الموت، والتراقي جمع الترقوة، وهي العظام بين ثغرة النحر والعاتق، فدل ذلك على الإشراف على الموت، {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} أي: قال من حضره هل من طبيب يرقيه ويداويه، فيشفيه برقيته أو دوائه، {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} أي أيقن الذي بلغت روحه التراقي أنه مفارق الدنيا، حيث تتابعت عليه الشدائد، فلا يخرج من كرب إلا جاءه أشد منه، واجتمع فيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
1 انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 468.
2 مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 13/ 320.
3 معالم التنزيل 4/ 441.
4 انظر جامع البيان في تفسير القرآن 30/ 18 - 20، ومعالم التنزيل 4/ 441، 442.
5 سورة القيامة، الآية 26 - 30.
الحياة والموت، والتفت ساقاه1.
يقول السعدي في تفسير هذه الآيات:
¥