ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[06 - 04 - 06, 07:49 م]ـ
به باب الأرض، فيقولون: ما أنتن هذه الريح! حتى يأتون به أرواح الكفار”1.
وفي سنن ابن ماجه ت 275هـ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: “الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل صالحاً قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقولون: فلان، فيقال: مرحباً بالنفس الطيبة، كانت في الجسد الطيّب، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل.
وإذا كان الرجل السوء قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فلا يفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان، فيقال: لا مرحباً بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة، فإنها لا تفتح لك أبواب السماء فيرسل بها من السماء، ثم تصير إلى القبر”2.
والمؤمن إذا بشر حين الاحتضار برحمة الله ورضوانه سرّ بذلك وفرح فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، أما الكافر فإنه إذا بُشّر بغضب الله وسخطه تألم وحزن، فكره لقاء الله وكره الله لقاءه، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال”من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، قالت عائشة ـ أو بعض أزواجه ـ إنا لنكره الموت، قال: ليس ذلك، ولكن المؤمن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الحديث رواه النسائي، كتاب الجنائز، باب ما يُلقى به المؤمن من الكرامة عند خروج نفسه ح 1832 وابن حبان 733، والحاكم 1/ 352، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ح1309، وصحيح سنن النسائي 2/ 9 ح1832.
2 رواه ابن ماجه في سننه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له ح4262 وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2/ 420 ح3437.
إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حُضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله وكره الله لقاءه”1.
فالعبد إذا أحب لقاء الله سعى إلى ذلك بالإخلاص له بالعبادة، والمتابعة لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحب الله لقاءه، وبُشر برحمة الله والجنة حين احتضاره، فيفرح ويحب لقاء الله ويحب الله لقاءه، ففي هذا الحديث صفة حال الطائفتين، المؤمنة والكافرة، في أنفسهم عند ربهم، فمن أحب لقاء الله فهو الذي أحب الله لقاءه، وكذا الكراهة، ولهذا ذكر بعض أهل العلم أن المحتضر إذا ظهرت عليه علامات السرور كان ذلك دليلاً على أنه بشر بالخير، وإذا ظهرت عليه علامات الحزن والضيق كان دليلاً على أنه بشر بالعذاب2.
وقد أخذ بعض العلماء من هذا الحديث “أن محبة لقاء الله لا تدخل في النهي عن تمني الموت؛ لأنها ممكنة مع عدم تمني الموت كأن تكون المحبة حاصلة لا يفترق حاله فيها بحصول الموت ولا بتأخيره، وأن النهي عن تمني الموت محمول على حالة الحياة المستمرة، وأما عند الاحتضار والمعاينة فلا تدخل تحت النهي، بل هي مستحبة”3.
وقد جاء في رواية أن عائشة رضي الله عنها قالت ـ في حديث (من أحب لقاء الله ... ): “قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بالذي تذهب إليه، ولكن إذا طمح البصر، وحشرج الصدر، واقشعر الجلد، فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه”4.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ح6507.
2 انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 11/ 358.
3 المصدر السابق ص358 - 359.
4 رواه النسائي، كتاب الجنائز، باب فيمن أحب لقاء الله ح1833. وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2/ 10 ح1833.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن المؤمن ينْزل به الموت، ويعاين ما يعاين، فودّ لو خرجت ـ يعني نفسه ـ والله يحب لقاءه.
فإذا كان عدواً لله نزل به الموت وعاين ما عاين؛ فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبداً، والله يبغض لقاءه ... ”1.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول”إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم؛ فإن كانت صالحة قالت: قدِّموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها: يا ويلها، أين يذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع الإنسان لصعق”2.
وفي ذلك زيادة في بشرى المؤمن وبؤس الكافر كما ذكره ابن المنير ونقله عنه ابن حجر3.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البزار في مسنده ص92، وقال عنه السيوطي (سنده صحيح) انظر الفوز العظيم في لقاء الكريم للسيوطي ص44، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 6/ 262 ح2628.
2 رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب قول الميت وهو على الجنازة: قدموني، ح 1316.
3 انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/ 185.
المطلب الثالث: بشارة الملائكة الكافر بالعذاب
جاء صريحاً في كتاب الله تعالى أن الملائكة تبشر الكافر بالعذاب، قال تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} 1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأنعام، الآية 93.
¥