تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحسد و تعريفه و حقيقته وآثار الحسد واضراره على الحاسد والمجتمع ومراتبه وحكمه]

ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[07 - 04 - 06, 08:35 م]ـ

[الحسد و تعريفه و حقيقته وآثار الحسد واضراره على الحاسد والمجتمع ومراتبه وحكمه]

قالت طائفة من الناس: إنّ الحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها. بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط. والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود. وهو نوعان: أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقاً فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذ لك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضاً في قلبه، ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها. والنوع الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسداً في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال: (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق). ورواه البخاري من حديث أبي هريرة ولفظه (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار فسمعه رجل فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا. ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: يا ليتني أوتيت ما أوتي هذا فعملت فيه ما يعمل هذا).فهذا الحسد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في موضعين هو الذي سماه أولئك الغبطة، وهو أن يحب مثل حال الغير ويكره أن يفضل عليه. وقد يشكل هنا تسميته حسداً ما دام همه أن ينعم الله عليه بمثل ما أنعم على صاحبه؟ فيقال: مبدأ هذا الحب هو نظره إلى إنعامه على الغير وكراهيته أن يفضل عليه. ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك، فذلك كان حسداً لإنه كراهة تتبعها محبة. واما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس فهذا ليس عنده من الحسد شىْ. ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثاني. وحقيقة الحسد شدة الأسى على الخيرات تكون للناس الأفاضل وهو غير المنافسة. قال صاحب اللسان: إذا تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته أو يسلبهما هو. وقال الجوهري: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه والحق أنه أعم. وقال النووي: قال العلماء: هو حقيقي: تمني زوال النعمة عن صاحبها وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصريحة، ومجازي: هو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها فإذا كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وإذا كانت طاعة فهي مستحبة. وقيل:الحسد تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا. وقيل: أن تكره النعم على أخيك وتحب زوالها، فحد الحسد: كراهة النعمة وحب وإرادة زوالها عن المنعم عليه، والغبطة: ألاّ تحب زوالها، ولا تكره وجودها ودوامها، ولكن تشتهي لنفسك مثلها. والمنافسة: هو أن يرى بغيره نعمة في دين أو دنيا، فيغتم ألا يكون أنعم الله عليه بمثل تلك النعمة، فيحب أن يلحق به ويكون مثله، لا يغتم من أجل المنعم عليه نفاسة منه عليه، ولكن غمّاً ألا يكون مثله. وفي الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله ويحب زوالها والله يكره ذلك فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته و لذلك كان إبليس عدوه حقيقة لإن ذنبه كان عن كبر وحسد. وللحسد حد وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيره فمتى تعدى صار بغياً وظلماً يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه، ومن نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همة وصغر نفس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير