وأما السنة فمثل حديث حكيم بن حزام وفيه قول النَّبيّ r : " البيعان بالخيار " إلى أن قال " فإن بينا وصدقا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما " وفي حديث أبي ذر في الصحيحين أن النَّبيّ r قال " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم يوم القيامة – وذكر منهم – الذي ينفق سلعته بالحلف الكاذب ". فدلَّ ذلك على وجوب الصدق والأمانة عند إجراء العقود، وقد ذكر الغزالي الضابط في ذلك فقال: ألا يحب لأخيه إلا ما يحب لنفسه فكل ما عومل به شقَّ عليه وثقل على قلبه فلا يعامل به أخاه. وفي الصحيح من حديث أنس أن النَّبيّ r قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
الضابط الثامن: ضابط سد الذرائع:
والسد في اللغة: إغلاق الخلل.
والذرائع: جمع ذريعة وهي الوسيلة.
وأما في الاصطلاح: فهو منع الوسائل التي ظاهرها مباح وتؤدي إلى محرم، واعلم أن ما يتعلق بسد الذرائع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 - ذرائع أجمع العلماء على سدها: وهي الذرائع المؤدية إلى الفساد والخلل في أمور الدين والدنيا مثل: شرب الخمر فإنه ذريعة إلى السُكر المؤدي إلى اختلال العقل، وكذلك الزنا فإنه ذريعة إلى اختلاط الأنساب وضياعها، فهذه الذرائع أجمع العلماء على سدها.
2 - ذرائع أجمع العلماء على عدم سدها: مثل زراعة العنب لئلا يتخذ خمراً، فالعلماء مجمعون على أن زراعة العنب جائزة وإن كان شيء من هذا العنب قد يشترى ويعصر ويتخذ ليكون خمراً، ومع ذلك أجمع العلماء على أن هذه الذريعة لا تسد، وسيتبين هذا بذكر ضوابط سد الذرائع.
3 - الوسائل المباحة إذا أفضت إلى محرم غالباً فهل تسد أو لا تسد؟
هذا فيه خلاف بين الأئمة: المشهور عند المالكية والحنابلة أن هذه الذرائع لا تسد.
فائدة: مذهب المالكية هو أحسن المذاهب فيما يتعلق بسد الذرائع ثم بعدهم مذهب الحنابلة.
وعند الحنفية والشافعية يقولون: لا يجب سد الذرائع المباحة التي تفضي إلى محرم، وهذا في الجملة وإلا ففي بعض التفاريع يلتزمون بمنع هذه الوسائل لكنهم لا يدخلونها تحت أصل سد الذرائع لأن هذا الأصل لا يقولون به وإنما يدخلونها تحت أصول أخرى تكون لهم.
والراجح في ذلك ما ذهب إليه المالكية والحنابلة، وابن القيِّم رحمه الله في كتابه " إعلام الموقعين " ذكر تسعة وتسعين دليلاً على وجوب سد الذرائع المباحة إذا كانت تؤدي إلى محرم.
ضوابط سد الذرائع:
الضابط الأول: أن يكون الفعل المأذون فيه مؤدياً إلى الفساد أو إلى مفسدة غالبة، فإن كانت المفسدة المرتبة عليه نادرة فإنه لا يقال بذلك، فالنادر لا ترتب عليه الأحكام ولا تعلَّق به.
الضابط الثاني: أن تكون المفسدة الناتجة عن فعل المأذون مساوية لمصلحته أو أكثر فإن كانت مصلحة فعل المأذون أكثر من المفسدة المترتبة على الفعل فإنه لا تسد الذريعة.
وعليه فالأقسام ثلاثة:
الأول: أن تكون المفسدة المترتبة على فعل المأذون مساوية لمصلحته فحينئذٍ يسد هذا الفعل ويمنع.
الثاني: أن تكون المفسدة المترتبة على فعل المأذون أكثر من المصلحة المترتبة على سده فإنه يمنع حينئذٍ أيضاً.
الثالث: أن تكون المفسدة المترتبة على فعله أقل من المصلحة المترتبة عليه فإنه حينئذٍ لا يسد.
مسألة: ما منع سداً للذريعة فإن الحاجة تبيحه:
مثلاً: النظر، قال العلماء: تحريم النظر من باب تحريم الوسائل، وعليه تبيحه الحاجة فيجوز للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة للحاجة إلى ذلك، ويجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع العورة من المرأة الأجنبية للحاجة.
هذا ما يتعلق بالضوابط التي تدور عليها هذه المعاملات وقد استخلصها العلماء رحمهم الله من نصوص الكتاب والسنة.
المعاملات المالية المعاصرة
أولاً: بيع التقسيط:
1 - تعريفه: هو بيع بثمن مؤجل يدفع إلى البائع على شكل أقساط.
2 - مثاله: زيد من الناس يبيع سيارته بعشرة آلاف ريال، كل شهر ألف ريال. هذا يسمى بيع التقسيط.
¥