-سمعت أحمد بن الحسين بالبصرة يقول: سمعت سعيد بن عثمان الخياط يقول: سمعت السري بن مغلس السقطي يقول: خرجت من الرملة إلى بيت المقدس، فممرت بمشرقة وغدير ماء مطر وعشب نابت فجلست آكل من الحشيش وأشرب من الماء. قال فقلت: يا نفس إن كنت أكلت أكلة حلال أو شربت شربة حلال قط، فاليوم. قال: فإذا بهاتف يهتف بي: يا سري فالنفقة التي بلغت بك إلى ها هنا من أين؟ " (59).
-حدثنا بشر بن عبدون، حدثنا ثعلب، حدثنا الزبير بن بكار قال: لما قدمت إلى الرشيد لأحدث أولاده بالأخبار التي صنفتها (60) أعجل المعتصم في القصر فعثر، فكادت إبهامه تنقطع، فقام وهو يقول:
يموت الفتى من عثرة بلسانه
وليس يموت المرء من عثرة الرجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه
وعثرته بالرجل تبرأ على مهل (61)
-"حدثنا عبد الله بن محمد بصيدا، حدثني أخي معاذ بن محمد عن أبي محمد بن حمزة أن جده سليمان بن أبي كريمة نظر عموداً أو حجراً عليه مكتوب كتاباً، فلم يحسن يقرأه، فتعلم بعد ذلك قراءة اليونانية، فقرأه، فإذا عليه مكتوب: بنى (62) صيدا صيدون بن سام بن نوح، وهي رابع مدينة بنيت بعد الطوفان" (63).
-"سمعت علي بن محمد يقول: سمعت الخلدي يقول: إذا رأيت الغلام يقول: أنا تلميذ فلان، ففلان أفضل منه، وإذا رأيت الشيخ يقول: فلان تلميذي، ففلان أفضل من الشيخ" (64).
-"حدثنا أبو بكر، حدثنا أحمد بن فضلان قال: قال علي بن يحيى الأرمني: غزونا من طرسوس ففتحنا حصناً بحذاء عمورية، فدخلنا بيعة لهم، فإذا مكتوب على بابها بالذهب: واحد من السلف خير من ألف من الخلف" (65).
"حدثني أبو سعيد الأذني قال: مكتوب على حاشية التوراة (66): اثنان وعشرون (67) حرفاً يجتمع (68) إليها علماء بني إسرائيل يقرأونها كل يوم، أولها: لا كنز أنفع من العلم. ولا مال أربح من الحلم. ولا حسب أرفع من الأدب. ولا نسب أوضع من الغضب. ولا قدر أزين من العقل. ولا قرين أشين من الجهل. ولا شرف أكبر من التقوى. ولا كرم أجود من ترك الشهوات. ولا عقل أفضل من التفكير ولا حسنة أعلى (69) من الصبر. ولا سيئة أسوأ من الفقر. ولا دواء ألين من الرفق ولا داء أوجع من الحزن. ولا دليل أوضح من الصدق. ولا غنى (70) أسمى من الحق ولا فقر أذل من الطمع. ولا عبادة أحسن من الخشوع. ولا زهد أخير من القنوع. ولا حياة أطيب من الصحة. ولا حارس أحرس من الصمت. ولا معيشة أهنأ من العافية. ولا غائب أقرب من الموت" (71).
نصوص منتخبة من الشعر:
أنشدنا أبو بكر الصولي لنفسه:
أطلت بالهجر سقمي
لما جعلتك همي
أسأت في كل قول
وجرت في كل حكم
إن كان حبك جرمي
فقد وقعت بجرمي
أما ترى فعل لحظي
فيما جناه برغمي
رأى بطرفك سقما
فقال هبه لجسمي
فصرت شبهك يحكي
سقام عينيك سقمي (72)
أنشدني أبو بكر الصنوبري بحلب:
تزايد ما ألقى فقد جاوز الحدا
وكان الهوى مزحا فصار الهوى جدا
وقد كنت جلداً ثم أوهنني الهوى
وهذا الهوى مازال يستوهن الجلدا
ولا تعجبي من ضعف غلبك قوتي
فكم من ظباء في الهوى غلبت أسدا
غلبتم على قلبي فصرتم أحق بي
وأملك بي مني فصرت لكم عبدا
جرى حبكم مجرى حياتي ففقدكم
كفقد حياتي لا رأيت لكم فقدا (73)
أنشدني أحمد بن محمد قال: أنشدني أبي لبعض الحكماء:
عرست جهلا على الدنيا بتعريسي
حتى لقد صرت في حال المفاليس
أطعمت نفسي فيما لا يصح لها
تعصي وتسكن في أعلى الفراديس
حتى متى لا أكن برّاً ولا ورعاً [1]
أعيش في هذه الدنيا بتدليس
فمن يراني يقل هذا أخو ورع
وليس يدري بما أوعيت في الكيس
وقد وعت صحفي ما لو بها علموا
لم يدن مني ولم يرضوا بتقديس
ولي لساني إذا استنطقته سأرى
وراءه في هواي رأي إبليس (74)
أنشدنا إبراهيم بن سمعان بالبصرة قال: أنشدنا الفضل بن الحباب في الأيام التي تسميها العرب "أيام العجوز" لبعض الشعراء:
كُسِع الشتاء بسبعة غُبر
أيام شهلتنا من الدهر
فإذا انقضت أيام شهلتنا
بالصنّ والصنبر والوبر
وبأمر وأخيه مؤتمر
ومعلل وبمطفئ الجمر
ولى شتاؤك ذاهبا هربا
وأتتك وافدة من النجر (75)
-أنشدنا زيد بن محمد بمكة، حرسها الله:
إن في الناس شياطيـ
ن وأشباه الأبالس
جعل الله لحاهم
للمطاميع مكانس
أنا في بيتي خوفا
من فساد الناس جالس
وتراني ذا اعتصام
ومن الأمة آيس (76)
-أنشدني عبد الرحمن بن محمد:
¥