? تنبيه: الأصل في البيوع أن الثمن يكون حالاً، ولهذا العلماء رحمهم الله يجعلون حلول الثمن من الشروط في البيوع التي يقتضيها العقد، يعني أنت لست بحاجة إذا بعت سلعة أن تقول: بشرط أن يكون الثمن حالاً، حتى ولو لم تشترط هذا فالعقد يقتضي أن يكون الثمن حالاً. فلو اشترط أن يكون الثمن حالاً فهذا بيان وتأكيد فقط وإلا فالأصل إذا جرت المعاملة أن الثمن يكون حالاً كما أن المشتري يتسلم السلعة فكذلك أيضاً البائع يتسلم الثمن، لكن لو اختار البائع أن يكون ثمنه مؤجلاً أو أن يكون ثمنه مقسطاً فهذا موضع خلاف وهذا الذي يراد بحثه.
3 - اختلاف العلماء في حكمه:
كما أسلفنا أن شرط حلول الثمن يقتضيه العقد والبائع ليس بحاجة إلى أن يشترطه لكن لو حصل ذلك واتفقا على أن يكون الثمن مقسطاً فهذا موضع خلاف بين أهل العلم.
أ – جماهير أهل العلم أن البيع بالتقسيط جائز ولا بأس به، فيصح أن يبيع الإنسان سلعته مقسطة كما أنه يصح له أن يبيعها بسعر حال، يعني إذا باعها بثمنٍ مؤجل وهذا الثمن يكون على آجال يتفق عليها المتعاقدان فهذا جائز، وسواء كان الثمن مساوياً للسلعة أو أنه زيد في الثمن من أجل الأجل أو أنه نقص من الثمن وهذا نادر.
واستدلوا على ذلك بما تقدم من الأصول، فالأصل في المعاملات الحل كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، والأصل في الشروط في العقود الحل فإذا اتفقا على هذا الشرط وهو أن يكون الثمن مقسطاً فالأصل في ذلك الحل لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، والأمر بإيفاء العقد يتضمن الأمر بإيفاء أصله ووصفه ومن وصفه الشرط فيه.
ومن أدلتهم أيضاً قالوا: هذا مقتضى العدل يعني لو كان هناك زيادة في الثمن فكما أنه تأخر عليه قبض الثمن والإفادة منه فله أن يقابل ضرر التأخير بزيادة الثمن.
ومن أدلتهم أيضاً: عقد السلم ففي حديث ابن عباس أن النَّبيّ r قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال النَّبيّ r : " من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ". والسلم: دفع الثمن وتأخير المثمن، وهذا في الغالب يكون في المثمن زيادة لأن المسلم يدفع الثمن ويأخذ سلعاً بعد مدة، الغالب أن هذه السلع تكون أرخص من قيمتها الآن ويكون فيها زيادة.
هذا ما عليه جماهير أهل العلم رحمهم الله بل حُكي الإجماع على ذلك.
ب – قول بعض أهل العلم كعلي بن الحسين ونقله الشوكاني في نيل الأوطار عن بعض العلماء أن هذا غير جائز، يعني أن يكون هناك زيادة في الثمن مقابل التأجيل، يعني لو أنه باعه السيارة بثمن مؤجل وزاد فيه مقابل التأجيل فقالوا: هذا لا يجوز.
تعليلهم: قالوا: لأن هذا هو الربا، فالزيادة عوض عن التأجيل وهذا هو الربا إذ إن الربا في الجاهلية أنه إذا لم يسدد من عليه الدين فإنه يؤخره في الأجل ويزيد في الدين، فقالوا: الزيادة هنا الآن حصلت مقابل التأجيل في ربا الجاهلية، فكذلك أيضاً هنا حصلت الزيادة في مقابل التأجيل، فقالوا: هذا لا يجوز.
جـ- الترجيح والجواب عن أدلة القائلين بالمنع:
والجواب عن دليل القائلين بعدم الجواز سهل؛ ففرق بين ربا الجاهلية وبين هذه المعاملة، فربا الجاهلية فيه الظلم وأكل أموال الناس بالباطل لأنه الآن لا يجد ما يسدد فيُظلم بأن يُزاد عليه، أما هنا فلا ظلم لأنه الآن دخل على بينة واختيار؛ بل هو – كما تقدم – مقتضى العدل، فإن البائع يفوته الإفادة من هذا المال فيأخذ على ذلك الزيادة.
وعليه يكون الأقرب ما ذهب إليه جماهير أهل العلم رحمهم الله.
4 - صور بيع التقسيط:
أ- الحلول والأجل: يعني يقول: أبيعك السيارة بعشرة آلاف ريال حالَّة أو بعشرين ألف ريال مؤجلة لسنة أو سنتين.
وهذه المعاملة جائزة لكن يشترط أن يكون ذلك عند المساومة ولابد من الجزم بأحد العقدين قبل التفرُّق؛ يعني لا يتركه يقول: بعت السيارة عليك بعشرة آلاف حالَّة أو بعشرين ألفاً مؤجلة؛ إن أتيت بالدراهم وإلا فهي بعشرين ألفاً.
فلابد من الجزم بأحد العقدين إما أن تكون بعشرة آلاف حالَّة أو بعشرين ألفاً مؤجلة.
¥