وأقدم ذكر لهذه المؤلفات المنسوبة إليه ورد في مختصر الأب اليسوعي للأغاني، إذ جاء في مقدمته قوله بعد أن أتى على ذكر بعض مؤلفات الأصبهاني: "وللأصبهاني تصانيف غيرها لم يذكرها أصحاب التراجم، تيسر لنا أن نجمعها بالاستقراء من كتاب كشف الظنون وغيره" (122) ثم أتى على تعداد هذه الكتب، ومعظمها مما ورد ذكره عند عدد كبير من القدماء، وبعضها لم يذكره أحد منهم حقا، لأنها ليست من كتب أبي الفرج.
ولدى بحثنا عن حقيقة هذه الكتب، وتتبعنا لها في مظانها، وجدنا أنها تنسب في المصادر القديمة- ومنها كشف الظنون- إلى شخص آخر من معاصري أبي الفرج من الأدباء وهو: أبو الفرج علي بن حمزة الأصبهاني (-356هـ) وكان –على ما يبدو- مولعا بجمع دواوين الشعراء، ومنها مما ينسب إلى أبي الفرج:
مجموع شعر أبي تمام: ذكره ابن النديم وابن خلكان وصاحب الكشف، وقالوا أنه رتبه على الأنواع، وهي الصفة التي ورد عليها عند اليسوعي منسوبا إلى أبي الفرج (123).
ديوان البحتري: لعلي بن حمزة أيضاً، ذكره ابن النديم وصاحب الكشف، وقالا أنه رتبه على الأنواع كسابقه، وقال بذلك اليسوعي حين نسبه إلى أبي الفرج (124).
ديوان أبي نواس: ذكره ابن النديم وصاحب الكشف لعلي بن حمزة (125).
كتاب أعيان الفرس: ذكره صاحب الكشف لعلي بن حمزة، وقد ذكر من ترجم له أنه فارسي الأصل (126).
ومن الواضح أن مبعث الوهم في ذهن اليسوعي راجع إلى ما بين هذين المؤلفين من تشابه في الاسم وتاريخ الوفاة. وقد نقل عنه محققو الأغاني (ط دار الكتب) أسماء هذه الكتب، وأوردوها منسوبة إلى أبي الفرج، ومن ثم انتشرت في كتب المعاصرين الأخرى التي كان لهذه الكتب ذكر فيها (127).
وأورد بروكلمان أسماء بعض الكتب الأخرى منسوبة إلى أبي الفرج ومنها: "كتاب أخبار المجانين" (128) مشيراً إلى أنه نقله عن السخاوي في الإعلان بالتوبيخ ص108. ولم نجد لهذا الكتاب ذكراً في كتاب السخاوي كله، كما لم نجد أحداً نسبه إلى أبي الفرج غيره. و"كتاب الأمالي" (129) الذي لم نجد أحدا من القدماء يذكر له كتاباً بهذا الاسم. على أننا وجدنا صاحب الكشف يذكر كتاباً باسم "الأمالي الأصبهانية" للقاضي المحاملي من معاصري أبي الفرج (130) وذكر له كتاباً آخر باسم كشف الكربة في وصف الغربة" (131) ولعله اسم آخر لكتابه الذي ذكرناه "أدب الغرباء"، إذ لم نجد لهذا الكتاب ذكراً في المصادر القديمة.
وهكذا نلاحظ مدى ما أصاب كتب هذا الأديب من اختلاط وتغير وتبديل، وما داخلها من أوهام وتحريف وتصحيف، وما أضيف إليها من الكتب المنسوبة إليه، دون أن تكون هنالك قائمة صحيحة بأسماء هذه الكتب والمؤلفات.
وقد بذلنا في سبيل تقديم مثل هذه القائمة جهداً غير يسير، نأمل بعده أن نكون قد وفقنا إلى إنقاذ هذه المؤلفات بعد أن كادت تندثر تحت ركام تلك الأوهام والأخطاء، وعسى أن يساعد ذلك في البحث عن بعض هذه المؤلفات المفقودة، والعثور عليها، فنكون بذلك قد وفينا هذا الأديب بعض حقه علينا، إذ طالما اغترفنا من بحر علمه، ومفيد تأليفه وكتبه (132).
الهوامش
1 - تاريخ بغداد 11/ 399 وصاحب هذا القول هو أبو علي المحسن بن أبي القاسم علي بن محمد القاضي التنوخي. أديب شاعر أخباري محدث ثقة صدوق. وهو أحد تلامذة الأصبهاني، ورواد مجلسه (327 - 384هـ) انظر وفيات الأعيان 4/ 159 وفوات الوفيات 3/ 60.
2 - مقاتل الطالبيين ص5
3 - المصدر نفسه ص 721
4 - أنظر مثلا: الفهرست ص172 - 173 وتاريخ بغداد 11/ 398 ووفيات الأعيان 3/ 307 - 308
5 - أنظر يتيمة الدهر 3/ 96
6 - أنظر مثلا: المختصر 3/ 136 - ومرآة الجنان 2/ 360 ومفتاح لاسعادة 1/ 185
7 - أنظر مثلا: العبر 2/ 305 - ولسان الميزان 4/ 221 والنجوم الزاهرة 4/ 15.
8 - معجم الأدباء: 13/ 99 - 100
9 - وسيرد الحديث عن ذلك في أواخر هذا البحث
10 - مقاتل الطالبيين المقدمة ص5
11 - المصدر نفسه ص721
12 - "وكان طلبه في حدود الثلاثمائة" كما يقول ابن حجر في لسان الميزان 2/ 221
13 - أنظر مقاتل الطالبيين ص98 - 616
14 - أنظر مقدمة المحقق ص/ص
15 - الفهرست ص172
16 - مقدمة ابن خلدون ص1070
17 - دراسة في مصادر الأدب العربي 1/ 173
18 - الحلة السيراء 1/ 201 - 202
19 - مختار الأغاني 1/ 1
20 - حلية المحاضرة، مقدمة المحقق 1/ 12
21 - أنظر التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه ص37 - 47 - 67 ومواضع أخرى كثيرة
22 - كتاب الحلة السيراء، مقدمة المحقق ص171
¥