تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما ثنياً: فهل يريد الأستاذ أن يستنتج من ذلك أن أصحاب الحديث صاروا كلهم بين سفيه فاجر كذاب، وأحمق مغفل يستحل الكذب الذي هو في مذهبه من أكبر الكبائر وأقبح القبائح؟ فليت شعري عند من بقي العلم والدين؟ أعند الجهمية الذين يعزلون الله وكتبه ورسله عن الإعتداد في ع ظم الدين وهو الاعتقاديات ويتبعون فيها الأهواء والأوهام؟ يقال لأحدهم قال الله عز وجل .. ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتلتوى عنقه ويتقبض وجهه تبرماً ونكرهاً، ويقال له: قال ابن سينا .. ، فيستوي قاعداً ويسمو رأسه وينبسط وجهه وتتسع عيناه وتصغى أذناه كأنه يتلقى بشرى عظيمة كان يتوقعها فهل هذا هو الإيمان الذي لا يزيد ولا ينقص ياأستاذ!!

وأما ثالثاً: فإن مايسميه الأستاذ " مثالب أبي حنيفة " أكثرها كان معروفاً قبل المحنة ولهذا احتاج الأستاذ إلى مساورة كبار الأئمة وأركان الدين وجبال الأمة مثل أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري وسفيان بن سعيد الثوري وحماد بن سلمة.

وأما رابعاً: فقد أثبتها في كتبه أو أثبت مقتضاها من عاصر المحنة وعرف مالها وما عليها كيعقوب بن سفيان والبخاري وهل يتهم البخاري إلا مجنون؟

وأما خامساً: فإن تلك المشادّة لم تقتصر على أصحاب الحديث بل كان لأصحاب أبي حنيفة النصيب الأوفر من اختلاق الحكايات في مناقبه، بل جازوا ذلك إلى وضع الأحاديث كحديث:" يكون في أمتي رجل اسمه النعمان وكنيته أبو حنيفة، هو سراح أمتي، هو سراج أمتي، هو سراج أمتي "، وزاد بعضهم فيه " وسيكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس فتنته على أمتي أضر من إبليس " وتناول الأعاجم هذه الفرية فاختلقوا لها عدة طرق وقبلها علماء الحنفية واحتجوا بها، حتى إن البدر العيني شارح (صحيح البخاري) الذي يحاول الأستاذ تفضيله على الحافظ الشهاب ابن حجر ويقول في تفضيل شرحه على (فتح الباري):" وليس الشهاب كل حين بثاقبت، بينما البدر ملتمع الأنوار من كل جانب" () ذكر العيني تلك الطرق ثم قال: كما نقله الأستاذ في (التأنيب) ص 30 " فهذا الحديث كما ترى قد روي بطرق مختلفة (بل مختلقة) ومتون متباينة ورواة متعددة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على أن له أصلاً وإن كان بعض المحدثين بل أكثرهم ينكرون وبعضهم يدعون أنه موضوع، وربما كان هذا من أثر التعصب، ورواة الحديث أكثرهم علماء وهم من خير الأمم فلا يليق بجالهم الاختلاق على النبي عليه الصلاة والسلام ... "

لا أدري أأقول هذا مبلغ علم العيني أم مبلغ تعصبه؟ وقد سعى الأستاذ في تأييد كلام العيني وسيأتي الكلام في ذلك في ترجمة محمد بن سعيد البورقي أن شاء الله تعالى " والذي تفنن فيطرق تلك الفرية هو يونس بن طاهر النضري الملقب شيخ الإسلام ومن جملة رواياته ما ذكر الموفق في (مناقبه) ج1 ص16 من طريق النضري بسنده " رأى أبو حنيفة في المنام ... فارتحل إلى البصرة فسأل محمد بن سيرين عن هذه الرؤيا فقال: لست بصاحب هذه الرؤيا صاحب هذه الرؤيا أبو حنيفة، فقال أنا أبو حنيفة، فقال: اكشف عن ظهرك، فكشف، فرأى بين كتفيه خالاً فقال له محمد بن سيرين: أنت أبو حنيفة الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يخرج من أمتي رجل يقال له أبو حنيفة على يديه السنة ولا يخفي ما ذكر الخال بين الكتفين من المضارعة لخاتم النبوة.

فالأستاذ عافنا الله وإياه يأخذا روايات الحنفية في مناقب أبي حنيفة كأنها مسلمة بل يصرح بأنها متواترة ويتجلد حق التجلد فيدافع عن أحمد بن محمد بن الصلت كما سيأتي في ترجمة إن شاء الله تعالى، ويطعن في أئمة الدين كأبي إسحاق إبراهيم بن محمد القزاري وعبد الله ابن الزبير الحميدي وأضرابها كما يأتي في التراجم إن شاء الله تعالى مع أن ابن الصلت مجمع على تكذيبه، والفزاري والحميدي وجماعة من اضرابهما الذين طعن فيهم الأستاذ مُجمع على أنهم أئمة أثبات. ولا ريب أن في أتباع أصحاب الحديث جهالاً ومغفلين وفجاراً وأنه وقع من هؤلاء الكذب، ولولا أن الخطيب اجتهد فلم يورد في حكايات الغض مابان له سقوطه لجاء بالعجب العجاب لكن الجهل في الجانب الآخر أعم وأطم لغلبة الجهل بالسنة، وقلة الرواية التي يراقب صاحبها ألسنة النقاد صباح مساء ويخاف أن يفقد رأس ماله بكلمة واحدة منهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير