صَعَافقة (الأحداث) – ليس عندهم علم ولا فقه، يشهدون السوق وليست لهم رؤوس أموال ولا نقد- بل هم رجْرجة الكتاب لا سَبَدٌ ولا لَبَدٌ، ولا عافطة ولا نافطة، أسلوبهم (ماله هِلَعٌ ولا هِلَعَة ولا سَعْنَة ولا مَعْنة ولا هَاربٌ ولا قارب وأبلغ الرد على هؤلاء الذين قلدوا الغرب بعين عوارء، وأخرى شوهاء: نشر كتب التفسير وعلومه، وكتب الحديث وعلومه، وسائر علوم الشرع الحنيف. وفكرهم مسموم بل هو مولود غير طبيعي لأنه ولد مشوهاً، ورضع ألباناً فاسدة.
إنهم يركبون قصبة فيرونها فرساً سبوقاً، ويحملون خشبة يُلَوحُون بها في (أحداثهم) على أنها سيف صقيل، (فيا لله العجب من ذبابة تطن في أُذن فيل)، ولسان حال القارئ يقول: (يا عمر أبعدت النجعة، أسْرع الله بك الرَّجعة)، (إفْعَلْ ما هو صحيح، ثم أدِرْ ظهرك لكل نقد سَخيف). فقد أحنى عليهم الدهر. حتى ولو خلطوا الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين. وتمثل في وُجوههم بقول الشافعي:
والصمت عن جاهل أو أحمق شَرفُ * وفيه أيضاً لصون العرض إصلاحُ
أما ترى الأُسْدَ تُخْشَى وهي صامِتةٌ * والكلبَ يُخْسَى -لعمري- وهو نَبَّاحُ
وقوله:
أعرض عن الجاهل السفيه * فكل ما قال فهْو فيه
وما ضرَّ بَحْرَ الفُرات يوماً * أن خاص بعضُ الكلاب فيه
وبقول القائل:
لو كل كلب عوى القمتَه حجرا * لأصبح الصخر مثقالاً بدينار
فإن للإسلام جنوداً من الأقلام:
دونكها مترعة دهاقاً * كأساً زُعاقاً مُزِجَتْ زُعاقا
يشنون حرباً شعواء على الصحابة والعلماء والأخيار في جرائدهم الساقطة، فأبوا إلا أن نتعامل معهم بلغة: (عاشر الذئاب على أن تكون فأسك في يدك)، ولغة: (إن كنت ريحاً فقد لا قيت إعصاراً)، وثقافتهم نعتبرها لوثة وافدة لبلادنا، ووعكة نازلة لأهل المغرب المجاهدين، وأسلوب الحوار عندهم مفقود نشم رائحته ولا نرى عينه، حاشا: {لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين}. {وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا}، وجريمتنا النكراء: {أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون}، وأخرى: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}، وأخرى: {هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون}.
أمور يضحك السفهاء منها * ويبكي من عواقبها اللبيب
والحق أبلج والباطل لجلج، ولن يدوم بنيان الباطل مهما زخرج وبهرج في جرائدهم وإعلامهم فمصيره إلى الزهق.
وَهَبْني قلت: إن الصبح ليل * أيعمى المبصرون عن الضياء؟
ويذكرني صنيع هؤلاء بدود القز، وذلك أن دود القز لما أخذ ينسج؛ أقبلت العنكبوت تتشبه وقالت: (لك نَسْج ولي نسج)، فقالت دودة القز: (ولكن نَسْجي أردية بنات الملوك، ونسجك شبكة الذباب وعند مس النسيجين يتبين الفرق). وبيت العنكبوت في منتدى الأخباث ومن لم يصدق فليقرأ فيه: (العلمانية الإنسية هي الحل)، ولو صدق لقال: (العلمانية الإبليسية هي الضلال).
مساوٍ لو قُسِمْن على الغواني * لما أُمْهِرن إلا بالطلاق
أو العنوان: (من الكلب إلى الكلب). فتحققت فيهم نبوءة نبينا محمد r: ( وينطق فيها الرويبضة)، قيل: وما الرويبضة؟. قال: (الرجل التافه السفيه يتكلم في أمر العامة)، وقوله r: ( سيكون أقوام يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقرة من الأرض)، (ولو سكت من لا يعلم لقل الخلاف)، و (من تكلم في غير فنه أتى بهذه العجائب)، فلكل علم أهله، ولكل فن فرسانه. وفاقد الشيء لا يعطيه. طبيب يداوي الناس وهو مريض. فكيف بالذي رضع ألباناً فاسدة، وتربى في أحضان الغرب، وترعرع على موائدهم، وتشبع بأفكارهم المسمومة، وثقافتهم الملوثة (وجريدة الأحداث نموذجا) لا يرون أبعد من أرنبة أنفهم؟. فكُتّاب الغرب يقولون: (اللهم اجعلنا من الضالين المضلين)، وهؤلاء يقولون: (آمين).
مع قصور نظرهم، وضيق أفقهم: طاش دماغهم في بحر قذورات الغرب، فظنوا أن كل سوداء تمرة، وكل بيضاء شحمة، وكل مدور رغيف، وكل كتابة علم، وظنوا أن المسك يستخرج ويستخلص من جيف الكلاب. وكل إناءٍ بما فيه ينضح أو يرشح. وحبكَ الشيء يعمي ويصم. والطيور على أشكالها تقع.
يُزَهِّدُني في وُدِّكِ ابنُ مُسَاحِقٍ * مودتك الأراذِلَ دون ذَوِي الفضل
ومن قل علمه كثر لغطه، وارتفع نباحه على السحاب.
وما ضر بدر السماء في الأفق * سود الكلاب وقد مشى على مَهَل
¥