ثم رجع وقال: (لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلي اقتفاء أثر الترك بل الإفرنج في (تحرير نسائهم)، وغاليت في هذا المعنى حتى دعوتهم إلى تمزيق ذلك الحجاب، وإلى إشراك النساء في كل أعمالهم ومآدبهم وولائمهم، ولكن أدركت خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس، فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهن، وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات، فرأيت من فساد أخلاق الرجال - بكل أسف - ما حمدت الله على ما خذل من دعوتي واستنفر الناس إلى معارضتي، رأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة إلا تطاولوا إليها بألسنة البذاءة، ثم ما وجدت زحاماً في طريق فمرت به امرأة إلا تناولتها الأيدي والألسنة جميعاً).
وآخر يقول: (نتمنى على بعض علمائنا (الكرام) أن يبقوا في مجالات تخصصهم، وألا يزجوا بأنفسهم في بحار السياسة، وهم لا يحسنون السباحة فيها، حتى لا يغرقوا، ويغرقوا شبابنا الحائر معهم، وقديماً قال فقيه ألمعي: بين أصحابنا من أرجو بركته ولا أقبل شهادته. قلت: في أمور السياسة).
ثم قال: (إن أي فتوى مهما كان رأينا في مرجعيتها، إن أمور الشرع قابلة للنقاش، وإن الفتاوى تتغير، وليست وحياً منزلاً، وإننا نتطلع إلى مرحلة يكون كل شيء فيها قابلاً للنقاش). إنها الحداثة التي ينادون بها - يقول زعيم الحداثيين العرب عبد الصبور المصري: (والشيطان خالقنا ليجرح قدرة الله العظيم). (ديوانه ص38) تحت عنوان: (الناس في بلادي). وله كلام أخبث من هذا أيضاً في (ص29) وفي (ص47/ تحت عنوان: الإله الصغير).
وكما قالوا: (إما أن يكون المثقف حداثياً أو لا يكون مثقفاً). ثم قالوا: (لا يهمنا فهم الناس أو لم يفهموا). ويقول أستاذ الحداثيين نزار قباني في قصيدة –أو عصيدة- تحت عنوان (أصهار الله): (وهل غلاء الفول والحمص والطراشي والجرجير شأن من شؤون الله)؟. واقرأ إن شئت في (الأعمال الشعرية الكاملة): (يا إلهي إن تكن رباً حقيقياً فدعنا عاشقينا).
ويقول بدر شاكر السيّاب: (فنحن جميعاً أموات. أنا ومحمد والله، وهذا قبرنا أنقاض مِئْذنة معفرة، عليها يكتب اسم محمد والله). ثم يقول عليه بهلة الله ولا رحم فيه مغرز إبرة: (وإن الله باقٍ في قرانا ما قتلناه ولا من جوعنا أكلناه).
يقول أحد الحداثيين المدعو عبد الوهاب البياتي العراقي في (ديوانه): (كلمات لا تموت): (الله في مدينتي يبيعه اليهود، الله في مدينتي مشرد طريد، أرادهُ الغزاة أن يكون لهم أجيراً شاعراً قوادْ –نقلنا كلام هؤلاء الحداثيين بلحنه- يخدع قيثاره المذَهَّب العباد، لكنه أصيب بالجنون، لأنه أراد أن يصون زنابق الحقول من جرادهم أراد أن يكون).
ويقول حداثي آخر –أكرمكم الله- يدعى محمود درويش مستهزئاً بالله تعالى: (نامي فعين الله نائمة عنا).
ويقول الحداثي عبد العزيز المقالح اليمني اليساري في (شَعِيرِه): (صار الله رماداً صمتاً رعباً في كف الجلادين، حقلاً ينبت سبحات وعمائم بين الرب الأغنية الثورة والرب القادم في هوليود .. كان الله قديماً حباً كان سحابة كان نهاراً في الليل أغنية تغسل بالأمطار الخضراء تجاعيد الأرض).
ويقول أدونيس النصيري وكان اسمه: علي أحمد سعيد. ثم ترك النصيرية واعتنق الشيوعية، وتسمى باسم أحد أصنام الفينيقيين (أدونيس) وهو مرجع وقدوة لجريدة (الأحداث المغربية): (كاهنة الأجيال قولي لنا شيئاً عن الله الذي يولد قولي: أفي عينيه ما يُعبد .. مات إلهٌ كان هناك يهبط من جمجمة السماء). وهو الذي قال: (نقد الدين شرط لكل نقد).
إنها الغارة والثورة على الإسلام، وأصحاب الفضيلة –عفواً الفضيحة- من حراس -الحقيبة- لا العقيدة نائمون. أما قرأتم أيها العلماء –عفواً العلفاء- الاستهزاء بالصحابة الكرام في جرائد الحداثيين، يقول أحدهم ساخراً من رجال الحديث: (حدثنا محبط عن محبط عن جاهل). وقال آخر: (حدثنا الشيخ إمام عن صالح بن عبد الحي عن سيد بن درويش عن أبيه عن جده). وقال آخر: (عادل إمام مثل أبي ذر الغفاري، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث يوم القيامة وحده).
وتقول أمينة السعيد –وما إخالها أمينة ولا سعيدة عليها بهلة الله- ضاحكة عن حجاب المرأة المسلمة: (عجبت لفتيات مثقفات يلبسن أكفان الموتى وهن على قيد الحياة).
¥