من أحب أن ينظر في كتب الجرح والتعديل للبحث عن حال رجل وقع في سندٍ، فعليه أن يراعي أموراً:
الأول: إذا وجد ترجمة بمثل ذاك الاسم فليتثبت حتى يتحقق أن تلك الترجمة هي لذاك الرجل فإن الأسماء كثيراً ماتشتبه ويقع الغلط والمغالطة فيها كما يأتي في الأمر الرابع، وراجع (الطليعة) ص11 ـ 43.
الثاني: ليستوثق من صحة النسخة وليراجع غ يرها إن تيسر له ليتحقق أن مافيها ثابت عن مؤلف الكتاب. راجع (الطليعة) ص55 ـ 59.
الثالث: إذا وجد في الترجمة كلمة جرح أو تعديل منسوبة إلى بعض الأئمة لينظر أثابتة هي عن ذاك الامام أم لا؟ راجع (الطليعة) ص 78 ـ 86.
الرابع: ليستثبت أن تلك الكلمة قيلت في صاحب الترجمة فإن الأسماء تتشابه، وقد يقول المحدث كلمة في راو فيظنها السامع في آخر، ويحكيها كذلك وقد يحكيها السامع فيمن قيلت فيه ويخطئ بعض من بعده فيحملها على آخر.
ففي الرواة المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام المخزومي، والمغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام الحزامي، والمغيرة بن عبد الرحمن بن عوف الأسدي. حكى عباس الدوري عن يحيى بن معين توثيق الأول وتضعيف الثالث. فحكى ابن أبي حاتم عن الدوري عن ابن معين توثيق الثاني ووهمه المزي، ووثق أبو داود الثالث وضعف الأول، فذكرت له حكاية الدوري عن ابن معين فقال: غلط عباس.
وفي الرواة محمد بن ثابت البُناني ومحمد بن ثابت العبدي وغيرهما، فحكى ابن أبي حاتم عن ابن أبي خيثمة عن ابن معين أنه قال في الأول " ليس بقوي ... " وذكر ابن حجر أن الذي في (تاريخ ابن خيثمة) حكاية تلك المقالة في الثاني، وحكى عثمان الدارمي عن ابن معين في الثاني أنه ليس به بأس، وحكى معاوية بن صالح ع ن ابن معين أنه يُنكَر على الثاني حديث واحد.وحكى الدوري عن ابن معين أنه ضعف الثاني، قال الدوري " فقلت له أليس قد قلت مرة: ليس به بأس؟ قال: ماقلت هذا قط ".
وفي الرواة عمر بن نافع مولى ابن عمر وعمر بن نافع الثقفي، حكى ابن عدي في ترجمة الأول عن ابن معين أنه قال:" ليس حديثه بشيء " فزعم ابن حجر أن ابن معين إنما قالها في الثاني.
وفي الرواة عثمان البتي وعثمان البري، حكى الدوري عن ابن معين في الأول " ثقة " وحكى معاوية بن صالح عنه فيه " ضعيف " قال النسائي " وهذا عندي خطأ ولعله أراد عثمان البري ".
وفي الرواة أبو الأشهب جعفر بن حيان وأبو الأشهب جعفر بن الحارث،وثق الامام أحمد الأول فحكى ابن شاهين ذلك في الثاني ـ كما في نبذة من كلامه طبعت مع (تاريخ جرجان) وضعف جماعة الثاني فحكى ابن الجوزي كلماتهم في ترجمة الأول.
وفي الرواة أحمد بن صالح بن الطبري الحافظ وأحمد بن صالح الشمومي، حكى النسائي عن معاوية بن صالح عن ابن معين كلاماً عده النسائي في الأول فذكر ابن حبان: إنما قاله ابن معين في الثاني.
وفي الرواة معاذ بن رفاعة الأنصاري ومعان بن رفاعة السلامي نقل الناس عن الدوري أنه حكى عن ابن معين أنه قال في الثاني وهو معان " ضعيف " ونقل أبو الفتح الأزدي عن عباس أنه حكى عن ابن معين أنه قال في الأول وهو معاذ " ضعيف" فكأنه تصحف على الأزدي.
وفي الرواة القاسم العمري وهو ابن عبد الله بن عمر بن حفص، والقاسم المعمري وهو ابن محمد، فحكى عثمان الدارمي عن ابن معين أنه قال " قاسم المعمري كذاب خبيث " قال الدارمي " وليس كما قال يحيى " والمعمري قد وثقه قتيبة، أما العمري فكذبه الإمام أحمد وقال الدوري عن ابن معين " ضعيف ليس بشيء " فيشبه أن يكون ابن معين إنما قال " قاسم العمري كذاب خبيث " فكتبها عثمان الدارمي ثم بعد مدة راجعها في كتابه فاشتبه عليه فقرأها " قاسم المعمري .. ".
وفي الرواة إبراهيم بن أبي حرة وإبراهيم بن أبي حية، روى ابن أبي حاتم من طريق عثمان الدارمي على ابن معين توثيق الثاني ومن تدبر الترجمتين كاد يجزم بأن هذا غلط على ابن معين وأنه إنما وثق الأول.
وحكى أبو داود الطيالسي قصة لأبي الزبير محمد بن مسلم بن تَدْرُسُ المكي وحكى هو عن شعبة قصة نحو تلك لمحمد بن الزبير التميمي البصري. وأخشى أن يكون الطيالسي وهم في أحدهما.
وذكر ابن أبي خيثمة في كلامه في فطر بن خليفة مالفظه " سمعت قطبة بن العلاء يقول: تركت فطراً لأنه روى أحاديث فيها إزراء على عثمان ".
¥