تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وابن عباس لما دخل على عائشة وهي تموت فقال لها كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب إلا طيبا وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات وكذلك نجد أكابر العلماء كعبد الله بن المبارك رضي الله عنه صرح بمثل ذلك روى عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا الحسن بن الصباح قال حدثنا علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك قيل له كيف تعرف ربنا قال بأنه فوق السماء السابعة على العرش باين من خلقه.

فصل

فلم أزل في هذه الحيرة والاضطراب من اختلاف المذاهب والأقوال حتى لطف الله تعالى وكشف لهذا الضعيف عن وجه الحق كشفا اطمئن إليه خاطره وسكن به سره وتبرهن بالحق في نوره وها أنا واصف بعض ذلك إن شاء الله تعالى

والذي شرح الله صدري له في حكم هذه الثلاث مسائل الأولى مسألة العلو والفوقية والاستواء هو أن الله عز وجل كان ولا مكان لوا عرش ولا ماء ولا فضاء ولا هواء ولا خلاء ولا ملأ وأنه كان منفردا في قدمه وأزليته هو متوحد في فردانيته وهو سبحانه وتعالى في تلك الفردانية لا يوصف بأنه فوق كذا إذ لا شيء غيره هو سابق للتحت والفوق اللذين هما جهتا العالم وهما لازمتان لها والرب تعالى في تلك الفردانية منزه عن لوازم الحدث وصفاته فلما اقتضت الإرادة المقدسة بخلق الأكوان المحدثة المخلوقة المحدودة ذات الجهات اقتضت الإرادة المقدسة على أن يكون الكون له جهات من العلو والسفل وهو سبحانه منزه عن صفات الحدث فكون الأكوان وجعل لها جهتا العلو والسفل واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الكون في جملة التحت لكونه مربوبا مخلوقا واقتضت العظمة الربانية أن يكون هو فوق الكون باعتبار الكون لا باعتبار فردانيته إذ لا فوق فيها ولا تحت ولكن الرب سبحانه وتعالى كما كان في قدمه وأزليته وفردانيته لم تحدث له في ذاته ولا في صفاته ما لم يكن له في قدمه وأزليته فهو الآن كما كان لكن لما حدث المربوب المخلوق والجهات والحدود ذو الخلا والملا وذو الفوقية والتحتية كان مقتضى حكم عظمة الربوبية أن يكون فوق ملكه وأن تكون المملكة تحته باعتبار الحدوث من الكون لا باعتبار القدم من المكون فإذا أشير إليه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحتية أو من جهة اليمنى أو من جهة اليسرى بل لا يليق أن يشار إليه لا من جهة العلو والفوقية ثم الإشارة هي بحسب الكون وحدوثه وتسفله فالإشارة تقع على أعلى جزء من الكون حقيقة وتقع على عظمة الإله تعالى كما يليق به لا كما تقع على الحقيقة المعقولة عندنا في أعلا جزء من الكون فإنها إشارة إلى جسم وتلك إشارة إلى إثبات إذا علم ذلك فالاستواء صفة كانت له سبحانه في قدمه لكن لم يظهر حكمها إلا عند خلق العرش كما أن الحساب صفة قديمة له لا يظهر حكمه إلا في الآخرة وكذلك التجلي في الآخرة لا يظهر حكمه إلا في محله تنبيه إذا علم ذلك فالأمر الذي تهرب المتأولة منه حيث أولوا الفوقية بفوقية المرتبة والاستواء بالاستيلاء فنحن أشد الناس هربا من ذلك وتنزيها للباري تعالى عن الحد الذي يحصره فلا يجد بحد يحصره بل يحد تتميز به عظمته وذاته ليس مخلوقاته والإشارة إلى الجهة إنما هو بحسب الكون وتسفله إذ لا يمكن الإشارة إليه إلا هكذا وهو في قدمه سبحانه منزه عن صفات الحدوث وليس في القدم فوقية ولا تحتية وإن من هو محصور في التحت لا يمكنه معرفة باريه إلا من فوقه فتقع الإشارة على العرش حقيقة إشارة معقولة وتنتهي الجهات عند العرش ويبقى ما وراءه لا يدركه العقل ولا يكفيه بكيفية الوهم فتقع الإشارة عليه كما يليق به مجملا ثابتا لا مكيفا ولا ممثلا وجه من البيان الرب ثابت الوجود ثابت الذات له ذات مقدسة متميزة عن مخلوقاته تجلى للأبصار يوم القيامة ويحاسب العالم فلا يجهل ثبوت ذاته وتميزها عن مخلوقاته فإذا ثبت ذلك فقد أوجد الأكوان في محل وحيز وهو سبحانه في قدمه منزه عن المحل والحيز فيستحيل شرعا وعقلا عند حدوث العالم أن يحمل فيه أو يختلط به لأن القديم لا يحل في الحادث وليس هو محلا للحوادث فلزم أن يكون باينا عنه وإذا كان باينا عنه يستحيل أن يكون العالم في جهة الفوق وأن يكون ربه سبحانه في جهة التحت هذا محال شرعا وعقلا فيلزم أن يكون العالم في جهة الفوق فوقه بالفوقية اللائقة به التي لا تكيف ولا تمثل بل تعلم من حيث الجملة والثبوت لا من حيث التمثيل والتكييف وقد سبق الكلام في أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير