تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإشارة إلى الجهة إنما هو باعتبارنا لأنا في محل وحد وحيز والقدم لا فوق فيه ولا تحته ولا بد من معرفة الموجد وقد ثبت بينونته عن مخلوقاته واستحال علوها عليه فلا يمكن معرفته والإشارة بالدعاء إليه إلا من جهة الفوق لأنها أنسب الجهات إليه وهو غير محصور فيها هو كما كان في قدمه وأزليته فإذا أراد المحدث أن يشير إلى القديم فلا يمكنه ذلك إلا بالإشارة إلى الجهة الفوقية لأن المشير في محل له فوق وتحت والمشار إليه قديم باعتبار قدمه لا فوق هناك ولا تحت وباعتبار حدوثنا وتسفلنا هو فوقنا فإذا أشرنا إليه تقع الإشارة عليه كما يليق به لا كما نتوهمه في الفوقية المنسوبة إلى الأجسام لكننا نعلمها من جهة الإجمال والثبوت لا من جهة التمثيل والتكييف والله الموفق للصواب ومن عرف هيئة العالم ومركزه من علم الهيئة وأنه ليس له إلا جهتا العلو والسفل ثم اعتقد بينونة خالقه عن العالم فمن لوازم البينونة أن يكون فوقه لأن جميع جهات العالم فوق وليس السفل إلا المركز وهو الوسط

فصل

إذا علمنا ذلك واعتقدناه تخلصنا من شبه التأويل وعماوة التعطيل وحماقة التشبيه والتمثيل وأثبتنا علو ربنا سبحانه وفوقيته واستواءه على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته والحق واضح في ذلك والصدور تنشرح له فإن التحريف تأباه العقول الصحيحة مثل تحريف الاستواء بالاستيلاء وغيره والوقوف في ذلك جهل وعي مع كون أن الرب تعالى وصف لنا نفسه بهذه الصفات لنعرفه بها فوقوفنا على إثباتها ونفيها عدول عن المقصود منه في تعريفنا إياها فما وصف لنا نفسه بها إلا لنثبت ما وصف به نفسه لنا ولا نقف في ذلك وكذلك التشبيه والتمثيل حماقة وجهالة فمن وفقه الله تعالى للإثبات بلا تحريف ولا تكييف ولا وقوف فقد وقع على الأمر المطلوب منه إن شاء الله تعالى

فصل

والذي شرح الله صدري في حال هؤلاء الشيوخ الذين أولوا الاستواء بالاستيلاء والنزول بنزول الأمر واليدين بالنعمتين والقدرتين هو علمي بأنهم ما فهموا في صفات الرب تعالى إلا ما يليق بالمخلوقين فما فهموا عن الله استواء يليق به ولا نزولا يليق به ولا يدين تليق بعظمته بلا تكييف ولا تشبيه فلذلك حرفوا الكلم عن مواضعه وعطلوا ما وصف الله تعالى نفسه به ونذكر بيان ذلك إن شاء الله تعالى لا ريب إنا نحن وإياهم متفقون على إثبات صفات الحياة والسمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة والكلام لله ونحن قطعا لا نعقل من الحياة إلا هذا العرض الذي يقوم بأجسامنا وكذلك لا نعقل من السمع والبصر إلا أعراضا تقوم بجوارحنا فكما إنهم يقولون حياته ليست بعرض وعلمه كذلك وبصره كذلك هي صفات كما تليق به لا كما تليق بنا فكذلك نقول نحن حياته معلومة وليست مكيفه وعلمه معلوم وليس مكيفا وكذلك سمعه وبصره معلومان ليس جميع ذلك أعراضا بل هو كما يليق به ومثل ذلك بعينه فوقيته واستواؤه ونزوله ففوقيته معلومة أعني ثابته كثبوت حقيقة السمع وحقيقة البصر فإنهما معلومان ولا يكيفان كذلك فوقيته معلومة ثابتة غير مكيفة كما يليق به واستواؤه على عرشه معلوم غير مكيف بحركة او انتقال يليق بالمخلوق بل كما يليق بعظمته وجلالة صفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت غير معقولة من حيث التكييف والتحديد فيكون المؤمن بها مبصرا من وجه أعمى من وجه مبصرا من حيث الإثبات والوجود أعمى من حيث التكييف والتحديد وبهذا يحصل الجمع بين الإثبات لما وصف الله تعالى نفسه به وبين نفي التحريف والتشبيه والوقوف وذلك هو مراد الرب تعالى منا في إبراز صفاته لنا لنعرفه به ونؤمن بحقائقها وننفي عنها التشبيه ولا نعطلها بالتحريف والتأويل ولا فرق بين الاستواء والسمع ولا بين النزول والبصر الكل ورد في النص فإن قالوا لنا في الاستواء والنزول واليد والوجه والقدم والضحك والتعجب من التشبيه شبهتم نقول لهم في السمع شبهتم ووصفتكم ربكم بالعرض فإن قالوا لا عرض بل كما يليق به قلنا في الاستواء والفوقية لا حصر بل كما يليق به فجميع ما يلزمونا به في الاستواء نلزمهم به في الحياة والسمع فكما لا يجعلونها هم أعراضا كذلك نحن لا نجعلها جوارح ولا ما يوصف به المخلوق وليس من الإنصاف أن يفهموا في الاستواء والنزول والوجه واليد صفات المخلوقين فيتحاجوا إلى التأويل والتحريف فإن فهموا في هذه الصفات ذلك فيلزمهم أن يفهموا في الصفات السبع صفات المخلوقين من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير