[رسالة في إقامة الصفوف ووجوبها]
ـ[تركي الفضلي المكي]ــــــــ[19 - 12 - 06, 11:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[رسالة في إقامة الصفوف ووجوبها]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد رأيت في هذه الأزمنة كثيرا من المصلين لا يقيمون لإقامة الصفوف في الصلاة اهتمام فتنتهي الصلاة والصفوف معوجة وبعضهم متقدم أو متأخر أو ترى فيها فُرجا.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتم بها أشد الاهتمام، ويبالغ في ذلك وسار على ذلك أصحابه من بعده رضي الله عنهم وأرضاهم كما صحت بذلك الأحاديث والآثار المسندة الصحيحة في الصحيحة في الصحيحين والسنن والمسانيد. فأحببت في هذه الرسالة التنبيه على هذا الأمر الذي عده جمع كثير من الحفاظ أنه واجب من الواجبات وحث الأئمة خاصة بالاهتمام بذلك والتشديد فيه حتى تتم الصلاة وذلك في المسائل الآتية:
الأولى:
التفات الإمام على الناس عند تسوية الصفوف.
وبهذا بوب البخاري في صحيحة (باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف).
وساق بإسناده من طرق زائدة بن قدامة قال حدثنا حميد الطويل حدثنا أنس رضي الله عنه قال: ((أقيمت الصلاة ف؟ أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري)).
فالسنة الإقبال بوجهك أيها الإمام جهة المأمومين الصفوف.
الثانية:
لا تتم الصلاة إلا بإقامة الصف.
وعليه بوب البخاري في صحيحه (باب إقامة الصفوف من تمام الصلاة) وساق بإسناده من طريق معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقيموا الصف في الصلاة فإن إقامة الصف من حسن الصلاة)).
والمراد بإقامة الصف تسويته كما وقع في رواية معمر عن حميد عند الإسماعيلي. قال البخاري: حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة)).
وفي رواية أبي داود والبيهقي والاسماعيلي بإسناد صحيح: ((فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة)).
الثالثة:
يسن للإمام أن يأتي بالألفاظ الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم دون ألفاظ لم ترد.
مثل (استووا) لحديث ابن مسعود رضي الله عنه كان يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: ((استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)) خرجه مسلم وفي رواية أبي داود: ((اعتدلوا وسووا صفوفكم)) وكان علي رضي الله عنه يقول: تقدم يا فلان، تأخر يا فلان.
وفي رواية البخاري: ((سووا صفوفكم وتراصوا))، وفيه أيضا: ((رصوا صفوفكم)) أي لا صقوا بينها.
قال الخطابي رحمه الله: تراصوا أي تضاموا وتدانوا ليتصل ما بينكم.
وفي رواية أبي داود وأحمد بإسناد صحيح: ((لا تذروا فرجات للشيطان، من وصل صفا وصله الله ومن قطعه قطعه الله)).
وروى عنه صلى الله عليه وسلم عند الطبراني في الأوسط من حديث علي رضي الله عنه: ((تماسوا وتزاحموا)).
الرابعة:
التشديد والتطويل في تسوية الصفوف وتوكيل الأشخاص في تسويتها.
خرج مالك في الموطأ قال: أخبرني نافع عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه كان يأمر رجالا لتسوية الصفوف، فإذا جاءوه فاخبروه بتسويتها كبر بعد. إسناده صحيح.
خرج مالك في الموطأ قال: أخبرنا أبو سهيل بن مالك وأبو النضر مولى عمر بن عبيدالله عن مالك بن أبي عامر أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يقول في خطبته إذا قامت الصلاة: ((فاعدلوا الصفوف وحاذوا المناكب فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة)) ثم لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه أن قد استوت فيكبر.
فانظر إلى هذه الآثار التي عطلت في هذا الزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الخامسة:
نذكر ما ساقه الحافظ أبو عيسى الترمذي في سننه ج 1 ص 428 في أبواب الصلاة ما نصه: ((قال أبو عيسى الترمذي: باب ما جاء في إقامة الصفوف.
حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا فخرج يوما فرأى رجلا خارجا صدره عن القوم فقال: ((لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)).
وقال وفي الباب عن جابر بن سمرة والبراء وجابر بن عبدالله وأنس وأبي هريرة وعائشة.
قال أبو عيسى: ((حديث النعمان بن بشير حديث حسن صحيح. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: ((من تمام الصلاة إقامة الصف)).
وروي عن عمر أنه كان يوكل رجالا بإقامة الصفوف فلا يكبر حتى يخبر أن الصفوف قد استوت. وروي عن علي وعثمان أنهما كانا يتعاهدان ذلك ويقولان (استووا) وكان علي يقول: ((تقديم يا فلان، تأخر يا فلا ن)). أ. هـ.
فالواجب على المسلمين أئمة ومأمومين الاهتمام بذلك أشد الاهتمام حتى تتم صلاتهم وتحسن.
نسأل الله للجميع التوفيق والسداد والهدى واتباع السنة، ونسأله سبحانه أن يوفقنا للعلم بالسنة والعمل بها وتبليغها للناس آمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه خالد بن عبد العزيز الهويسين
الثلاثاء 28/ 2/1422هـ التوقيع
¥