الحديث الثاني
عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مضطجعا في بيته كاشفا عن فخذيه، فأستأذن أبو بكر، فأذن له، وهو على تلك الحال، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس النبي (صلى الله عليه وسلم) يسوي ثيابه وقال محمد: - ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل، فتحدث، فلما خرج قالت له عائشة: دخل عليك أبو بكر فلم تجلس، ثم دخل عثمان، فجلست وسويت ثيابك؟ فقال: ألا استحيي ممن استحيى منه الملائكة "
أخرجه الطحاوي في " المشكل " (1) من طريق محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن عنها.
قال الألباني: وهذا سند صحيح. وأصله في صحيح مسلم (2) والبيهقي (3) وابن شاهين في " شرح السنة " (4) لكن بلفظ " كاشفا عن فخذيه أو ساقيه) على الشك، ورواية الطحاوي ترفع الشك. وتعين أن الكشف كان عن الفخذ. وله طريق أخرى بهذا اللفظ. أخرجه أحمد (5) ورجاله ثقات غبرعبيد الله بن سيار أورده الحافظ في " التعجيل " (6) رامزا له بأنه من رجال أحمد وقال: " قال الحسيني: مجهول.قال الألباني: ما رأيته في مسند عائشة رضي الله عنها من مسند أحمد هو فيه في الموضع الذي أشرنا إليه وله شاهد من حديث حفصة بنت عمر بن الخطاب نحو حديث عائشة وفيه: " فوضع ثوبه بين فخذيه ".أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (7) والبيهقي (8) وأحمد (9) ورجاله ثقات غير عبد الله بن أبي سعيد المزني الراوي له عن حفصة وقد ترجمه الحافظ في " التعجيل " وقال ملحقا: " وتلخص أن لعبد الله بن أبي سعيد راويين، ولم يجرح ولم يأت بمتن منكر فهو على قاعدة " ثقات ابن حبان "، لكن لم أر ذكره في النسخة التي عندي. اهـ (10)
الدراسة الفقهية
- آراء العلماء في المسألة وسبب خلافهم.
أجمع العلماء أن السوأتين القبل والدبر عورة.
واتفقوا أيضا على أن الساق ليست عورة إجماعا قال الشوكاني: والساق ليس بعورة إجماعا. ً (1)
واختلفوا في الفخذ هل هو عورة أولا على قولين قال ابن رشد: وسبب الخلاف في ذلك: أثران متعارضان، كلاهما ثابت: أحدهما: حديث جرهد أن النبي ? قال: الفخذ عورة.
والثاني حديث أنس: أن النبي ? حسر عن فخذه، وهو جالس مع أصحابه. (2)
ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المشهور عنهم وهو قول عامة العلماء وجماهيرهم وهو قول القرطبي (3) ورجحه جماعة من المعاصرين منهم الشيخ بن باز (4) على أن الفخذ عورة
قال النووي: ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة. اهـ
وإليك أقوالهم من كتبهم:
قال السرخسي: فأما الفخذ عورة عندنا. اهـ (5)
قال ابن همام: وَالْفَخِذُ عَوْرَةٌ خِلافًا لأَصْحَابِ الظَّوَاهِرِ. اهـ (6)
قال الإمام الكاساني: ولأن الركبة عضو مركب من عظم الساق والفخذ على وجه يتعذر تمييزه والفخذ من العورة. اهـ (7)
قال في الشرح الكبير: عورة الرجل ما بين السرة والركبة في ظاهر المذهب نص عليه في رواية الجماعة وهو قول مالك. (1)
قال في حاشية الصاوي: قوله: (ما بين سرة وركبة): فعلى هذا يكون فخذ الرجل عورة مع مثله ومحرمه وهو المشهور، فيحرم كشفه. (2)
قال الباجي: ومن جهة المعنى أن هذا موضع يستره المئزر غالبا فوجب أن يكون من العورة كالقبل والدبر. (3)
قال ابن رشد: المسألة الثانية: و هو حد العورة من الرجل، فذهب مالك و الشافعي إلى أن حد العورة منه ما بين السرة إلى الركبة، و كذلك قال أبو حنيفة. (4)
قال النووي: وعورة الرجل ما بين السره والركبة والسرة والركبة ليسا من العورة ومن أصحابنا من قال هما من العورة والاول أصح. (5)
قال البيجرمي: الْخَامِسُ (عورة الرجل) أي الذكر وإن كان صغيرا حرا كان أو غيره، ويتصور غير المميز في الطواف (مابين سرته وركبته) (6)
قال الشيرازي في المهذب: وروي عن علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت " فإن اضطر إلى الكشف للمداواة أو للختان جاز ذلك لأنه موضع ضرورة. وهل يجب سترها في حال الخلوة؟ فيه وجهان: أصحهما أنه يجب لحديث علي كرم الله وجهه.
¥