تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد سرد أقوال العلماء في هذه المسألة ومناقشة الأدلة تبين أن الأحاديث الواردة في ذلك إما صريحة غير صحيحة وإما صحيحة غير صريحة فيمكن أن نقول أن الراجح في المسألة هو الجمع بين القولين وذلك بأن نقول أن العورة قسمان عورة مخففة وهما الفخذان وعورة مثقلة وهما السوءتان فيجوز كشف المخففة مع الذين تستلزم أنشطتهم كشفه في الغالب وكذالك يجب ستره في محاسن الأخلاق وأماكن تجمع الناس ولعل هذا أقرب إلى الصواب وهو أشبه ما يكون بالقول الوسط بين القولين وإلى هذا أشار البخاري بعد أن ساق حديث أنس قال (وحديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط) (1) وهذا الجمع اختاره كثير من المحققين كابن قتيبة وابن رشد وابن القيم وغيرهم وإليك بعض ماقالوا:

يقول الإمام ابن رشد: «والأقرب إلى الصواب أن ما رُوِيَ عن النبي ? في الفخذ، هل هو عورة أو ليس بعورة: معناه أنه ليس بعورة يجب سترها كالقبل والدبر، وأنه عورة يجب سترها في مكارم الأخلاق ومحاسنها. ولا ينبغي التهاون بذلك في المحافل والجماعات. ولا عند من يستحي من ذوي الأقدار والهيئات. فعلى هذا تستعمل الآثار كلها. واستعمالها أولى من طرح بعضها. والله أعلم (2)

قال ابن القيم رحمه الله:

وطريق الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم: أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة، فالمغلظة السوءتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة. اهـ (3)

قال ابن قتيبة: ونحن نقول إنه ليس ههنا اختلاف ولكل واحد من الحديثين موضع فإذا وضع بموضعه زال ما توهموه من الاختلاف. أما حديث جرهد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف فخذه على طريق الناس وبين ملئهم فقال عليه السلام له: وار فخذك فإنها من العورة في هذا الموضع ولم يقل فإنها عورة لأن العورة غيرها والعورة صنفان أحدهما فرج الرجل والمرأة والدبر منهما وهذا هو عين العورة والذي يجب عليهما أن يستراه في كل وقت وكل موضع وعلى كل حال. والعورة الأخرى ما داناهما من الفخذ ومن مراق البطن وسمي ذلك عورة لإحاطته بالعورة ودنوه منها. وهذه العورة هي التي يجوز للرجل أن يبديها في الحمام وفي المواضع الخالية وفي منزله وعند نسائه ولا يحسن به أن يظهرها بين الناس وفي جماعاتهم وأسواقهم وليس كل شيء حل للرجل يحسن به أن يظهره في المجامع. اهـ (1)

خاتمة

الحمد لله الذي أتم علينا النعمة ووفقنا لانجاز هذا البحث الذي تبين لي من خلاله أن القول بأن العورة مخففة وعورة مثقلة هو الراجح وأن القول بأنه عورة مطلقاً أو أنه ليس بعورة مطلقاً قول مرجوح وهذه أهم النتائج المستخلصة منه:

1. هناك أدلة تدل على أن الفخذ عورة ولكن غالبها لا يخلو من مقال.

2. ثبتت أدلة على كشفه صلى الله عليه وسلم لفخذه في بعض الأماكن ولكنها تأُولت بتأويلات وأن القول أرجح من الفعل.

3. القول بأن العورة مخففه ومثقله قول وسط بين القولين والقاعدة أن إعمال الدليلين خير من إهمال أحدهما.

4. القائلون بأن الفخذ عورة مخففة ومثقلة جمع كبير من المحققين منهم البخاري وابن القيم وابن رشد وابن قتيبة وكثير من المعاصرين نصروا هذا القول.

5. في قولنا الذي رجحناه رخصة للرياضيين وغيرهم ممن تستلزم هواياتهم وممارساتهم الملابس القصيرة كالشورت ونحوه وكذالك من يشاهدونهم وإن كان يجب على المسلمين أن يفرضوا طابعهم الخاص وما تقتضيه مروءتهم.

وأخيرا أشكر الله تعالى على ما أن وفقني لإتمام هذا البحث وينبغي التنبيه هنا أن هذا القول الذي اخترناه قد لا يكون مرضيا عند البعض ولا كن للأمانة العلمية الذي رأيناه هو الذي ترجح عندي وما أنا إلا بشر أخطئ وأصيب هذا فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي المقصرة والشيطان وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المصادر والمراجع

م اسم الكتاب اسم المؤلف الناشر

1 القرآن الكريم مطبعة الملك فهد

2 أسد الغابة لابن الأثير دار الفكر

3 الإصابة في تمييز الصحابة ابن حجر دار الجيل

4 الإستيعاب في معرفة الأصحاب ابن عبد البر http://www.alwarraq.com

5 التاريخ الكبير البخاري دار الفكر

6 الأعلام الزركلي موقع يعسوب

7 الإكمال ابن ماكولا http://www.alwarraq.com

8 تذكرة الحفاظ الذهبي موقع يعسوب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير