تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَكَانَ أَوَّل مَنْ لقِيتُ عُمَر بن الخطاب، فَقَال مَا هَاتَانِ النَّعْلانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلتُ هَاتَانِ نَعْلا رَسُول الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ بَعَثَنِي بِهِمَا مَنْ لقِيتُ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا الله مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلبُهُ بَشَّرْتُهُ بِالجَنَّةِ، فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَخَرَرْتُ لإسْتِي – يعني وقع على مقعدته - فَقَال ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَرَجَعْتُ إِلي رَسُول الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً - وَرَكِبَنِي عُمَرُ - وتبعني عمر - فَإِذَا هُوَ على أَثَرِي فَقَال لي رَسُولُ الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ مَا لكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قُلتُ لقِيتُ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالذِي بَعَثْتَنِي بِهِ فَضَرَبَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لإسْتِي قَال ارْجِعْ فَقَال لهُ رَسُولُ الله يَا عُمَرُ مَا حَمَلكَ على مَا فَعَلتَ قَال يَا رَسُول الله بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْليْكَ – كل من لقيه - مَنْ لقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا الله مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلبُهُ بَشَّرَهُ بِالجَنَّةِ قَال نَعَمْ قَال فَلا تَفْعَل فَإِنِّي أَخْشَي أَنْ يَتَّكِل النَّاسُ عَليْهَا فَخَلهِمْ يَعْمَلُونَ قَال رَسُولُ الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ فَخَلهِمْ.

فالحديث بين في أن اليقين من شروط لا إله إلا الله، ولمزيد البيان عن اليقين، كيف يكون شرطا من شروط لا إله إلا الله؟ نضرب لذلك مثلا، إذا أخبرك أحد لأول مرة أن الأرض تدور حول نفسها مرة كل يوم، فإما أن تصدقه وإما أن تكذبه، فإن كان تكذيب القلب لهذا الخبر أكبر من التصديق سمي ذلك عند العلماء وهما، كالذي يقول كيف أن الأرض تدور وليس هذا بمأثور ولا مذكور، ونحن في أماكننا لا نقع أنا أستبعد هذا الخبر، فالوهم أن يكون عدم ثبات الأمر في القلب أرجح من ثباته وهو يشبه النسيان إلي حد كبير، ولذلك سميت سجدة السهو بسجدة الوهم، فعن عبد الله بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ، صَلي بِهِمُ الظَّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُوليَيْنِ ولمْ يَجْلسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حتى إِذَا قَضَي الصَّلاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْليمَهُ، كَبَّرَ وَهُوَ جَالسٌ فَسَجَدَ سجدتي الوهم قَبْل أَنْ يُسَلمَ ثُمَّ سَلمَ، والمقصود هنا سجدتا السهو عند انعدام اليقين، فالوهم أن يكون عدم ثبات الأمر في القلب أكبر من ثباته، واليقين ينفي الوهم.

أما لو استوت نسبة التكذيب في القلب مع نسبة التصديق، واعتدل الترجيح بينهما في ثبوت الخبر، سمي ذلك شكا، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم: (مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللهِ وَرُسُلهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلا لمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لمْ تُكَذِّبُوه).

وقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: (إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ فَليُلغِ الشَّكَّ وَليَبْنِ على اليَقِينِ فَإِذَا اسْتَيْقَنَ بِالتَّمَامِ فَليَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ فَإِنْ كَانَ صَلي خَمْسًا شَفَعَتَا لهُ صَلاتَهُ وَإِنْ صَلي أَرْبَعًا كَانَتَا تَرْغِيمًا للشَّيْطَانِ.

ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي المَسْجِدِ فَوَجَدَ رِيحًا بَيْنَ أَليَتَيْهِ فَلا يَخْرُجْ حتى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) قَال عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ في معني الحديث إِذَا شَكَّ فِي الحَدَثِ فَإِنَّهُ لا يَجِبُ عَليْهِ الوُضُوءُ حتى يَسْتَيْقِنَ اسْتِيقَانًا يَقْدِرُ أَنْ يَحْلفَ عَليْهِ، والشك يحدث الريبة في القلب كما قال تعالى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير