اللعنة في نومه ومرقده، ونزلت عليه المصائب في يومه وغده، حتى يعود إلي الضريح بخضوع صريح صحيح، مخلصا له مقرا تائبا، أو قائلا ما قاله هذا الجاهل:
وقفت بالذل في أبواب عزمكموا: مستشفعا من ذنوبي عندكم بكموا
أعفر الخد ذلا في التراب عسي: أن ترحموني وترضوني عبيدكموا
فإن رضيتم فيا عزي ويا شرفي: وإن أبيتم فمن أرجوه غيركموا
فهؤلاء العامة من الأمة يخلصون في تضرعهم للقباب والأوثان، ويطلبون منهم الرحمة والمدد والغفران، فقل لي بربك ماذا تركوا للواحد الديان؟ انظر أيها العاقل مدي تعظيمهم لسيدهم أحمد الرفاعي، ومدي اعتقادهم في قدرته وتأثيره عليهم، على الرغم من كونه مات من مئات السنين، وقد أكله الدود في قبره وأصبح من الغابرين، يقول قائلهم:
شيخي الرفاعي له بين الوري همم: نصالها ماضيات تشبه القدر
دخلت في ظلها أبتغي التفيؤ من: رمضاء دهري فجاء الدهر معتذر
والمعني المقصود في هذين البيتين، أن شيخه الرفاعي قوته في العالم تشبه قوة الله في جريان المقادير، وأنه لما استغاث بابن الرفاعي مما فعله الله به من أنواع البلاء ومصائب الابتلاء، جاء الدهر معتذرا، فالرفاعي في اعتقاده قوته أشد من قوة الله وقدرته في جريان المقادير حاكمة على قدرة الله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
أمثل هذا قد شهد أنه لا إله إلا الله، وأنه لا معبود بحق سواه، أهذا هو التوحيد الذي بعث به محمد بن عبد الله، شيخه الرفاعي وهو ميت في قبره، يتحكم فيما جرت به المقادير ولو استغاث به أحد يعتذر إليه الدهر الذي يقلبه رب السماوات والأرض، سبحانك أنت اللطيف الخبير وأنت العليم القدير، وأنت الملك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير، ويحذرونك!!! يقولون: إياك إياك أن تعترض على أولياء الله، آه لو اعترضت على الرفاعي أو السيد البدوي، أو إبراهيم الدسوقي أو عبد القادر الجيلاني أو أبي العباس المرسي، إياك إياك أن تعترض وإلا .. وإلا ماذا؟
سيلحق بك العقاب وينزل بك العذاب، عقاب وعذاب .. ما العقاب وما العذاب لو أنكرنا على الأضرحة والقباب؟ يقولون: بقرة تموت، وتمنع القوت، وخير يفوت، ولعنة تطاردك في الملك والملكوت، بحق ما للضريح من جبروت، ولدك سيكون مشلولا، وزوجتك معلولة، وستبقي ذليلا مخذولا، لا حول لك ولا قوة إلا عدت وتبت.
ألا تعلم ما ذكره سيدنا عبد الوهاب الشعراني؟ لا: لا أعلم ماذا ذكر الشعراني؟ يقولون: ذكر أن أبا الغيث بن قتيبة العالم الفقيه أنكر على الناس وهم يركبون المراكب في النيل من بولاق متوجهين إلي طنطا لحضور مولد سيدي البدوي، فأنكر عليهم وقال: هيهات هيهات أن يكون اهتمامهم بزيارة نبيهم كاهتمامهم بالسيد البدوي، فقال أحدهم يا فقيه: سيدي البدوي ولي حليم وجاهه عظيم، فلا تنكر عليه فيمسك منه عذاب أليم، ثم انصرف أبو الغيث الفقيه فدعاه بعض محبيه على الطعام، فأطعمه سمكة كبيرة، فدخلت في حلقه شوكة طويلة، سدت أنفاسه بسبب إنكاره على البدوي، فلم يقدروا على نزعها بأي وسيلة، وعجز الأطباء عن إخراجها أو علاجها بأي حيلة، حتى ورمت رقبته، وتآكلت معدته، لا يدخل إليها طعام ولا شراب إلا بعويل وعذاب، وبقي تسعة أشهر على هذا الحال، لا يهنأ له بال، حتى يئس من الحياة، وكاد أن ينتحر، وقد أنساه الله السبب، لا يدري ما السبب وعندما تذكر قال: احملوني إلي قبة سيدي أحمد البدوي، فقد تبت من الإنكار، وسلمت له بالقدرة وكمال الحال، وعندما وصل إلي الضريح بعد هذه المسافة البعيدة، عطس عطسة شديدة، فخرجت الشوكة مغمسة دما، وذهب الورم على الفور من رقبته وقال معلنا لتوبتة:
غوث وغيث في الوري فيمينه: يرتاح من راحاتها مسكينه
تسدي العدو من العدو تصونه: هذا رجائي عنده وأظنه
قبل الرجاء من المقل المجهد
ذو الفقر والفاقات يسعي زائرا: ولظهر بحر النيل يركب سائرا
أفلا يكون لي القبول بلا مرا: لاسيما ولقد أتيت مبادرا
أسعي إليه من الرحاب الأحمدي
¥