تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عباد الله: ألا تعلمون أن دعاء الأموات يستلزم أن تجعل من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا مشابها لمن كانت أزمة الأمور بيديه ومرجعها إليه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن؟

ألا تعلمون أن دعاء الأموات، أو طلبَ المدد منهم، من أقبح أنواع الشرك على الإطلاق، لماذا؟ لأنه ينافي التوحيد والإخلاص، ويثبت للميت بدعائه أوصاف الألوهية، نعم يثبت للميت بصورة حتمية أوصاف الربوبية كيف، فالذي يقول مدد يثبت الداعي صفة الحياة للمقبور لأنه لو اعتقد أنه ميت ما توجه إليه بالنداء والدعاء، أبالله عليكم أيها العقلاء، ما تقولون في رجل توفي أباه، فذهب إلي قبره ودعاه، وناداه أبتاه أجبني أبتاه أجبني أنا في حيرة من أمري أغثني، ولدي مريض وليس عندي زاد، وزوجتي أصابها العقم والفساد، أعطني المال يا أبتاه، حتى أداوي زوجتي وولدي وأشفي بفضل زادك مرضي؟ تقولون عن هذا مجنون، ولا تقولونه لمليون أو سبعة مليون ممن يشدون الرحال ويذهبون يتراقصون في الموالد، يقبلون الأعتاب، ويستغيثون بسكان الأضرحة والقباب؟

ألا تعلم يا من أخلصت قلبك لله أنك إذا استغثت بالضريح أثبت أنه يسمع ويبصر، ويعلم ويقدر، أثبت أنه غني فالفقير لا يدعي ولا يقصد، ألم تسمع قول عالم الغيب والشهادة: (ذَلكُمْ اللهُ رَبُّكُمْ لهُ المُلكُ وَالذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلكُونَ مِنْ قِطْمِير ٍإِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (فاطر:14:13).

ألم تسمع إلي الكبير المتعال، ذي القدرة والجلال، والنعم والأفضال، وهو يخاطب العقلاء عندما قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لهُ إِنَّ الذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلوْ اجْتَمَعُوا لهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالبُ وَالمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج:74:73).

أتنتظر أن تقول كما قال المشركون عندما سألهم الله: أين ما كنتم تعبدون؟: (قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللهِ إِنْ كُنَّا لفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ العَالمِينَ وَمَا أَضَلنَا إِلا المُجْرِمُونَ) (الشعراء:99:95).

أتسوي في الحب والتعظيم بين هؤلاء وبين ربك، وتجعل الشرك حائلا لغفران ذنبك، ألا تعلم أن الله قد قال:

(وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَي وَالبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي القُبُورِ) (فاطر:22:23).

من السميع لما ذهبت إلي أصم أبكم؟، ومن البصير لما استغثت بعاجز عم؟، ومن الغني لما توجهت إلي فقير معدم؟، ومن القدير لما ذهبت إلي مقبور آدم؟، ومن الرزاق الذي رزق يونس في اليم؟

ألم تسمع قول العلى العظيم عن خليله إبراهيم: (إِذْ قَال لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لهَا عَاكِفِينَ قَال هَل يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَل وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلكَ يَفْعَلُونَ قَال أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي إِلا رَبَّ العَالمِينَ الذِي خَلقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِي وَالذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِي وَالذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (الشعراء:82:69).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير