تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ Ahmed Salem] ــــــــ[12 - 10 - 03, 09:34 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

ترقيم المحاضرة فى الاسطوانة (4)

شروط لا إله إلا الله – الشرط الرابع

الصدق المنافي للكذب

الحمد لله الذي تفرد بوحدانية الألوهية، وتعزز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بآجالها، والعالم بتقلبها وأحوالها، المان عليهم بتواتر آلائه، المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه، الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا وزير ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته، ونفذت فيهم بعزته إرادته، فألهمهم حسن الإطلاق، وركب فيهم تشعب الأخلاق، فهم على طبقات أقدارهم يمشون، وعلى تشعب أخلاقهم يدورون وفيما قضي وقدر عليهم يهيمون، وكل حزب بما لديهم فرحون.

وأشهد أن لا إله إلا الله، فاطر السماوات العلا، ومنشيء الأرضين والثري، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وأشهد أن محمدا عبده المجتبي، ورسوله المرتضي، بعثه على حين فترة من الرسل ودروس من السبل، فدمغ به الطغيان، وأكمل به الإيمان، وأظهره على كل الأديان، وقمع به أهل الأوثان، فصلي الله عليه وسلم ما دار في السماء فلك، وما سبح في الملكوت ملك وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فحديثنا بإذن الله عن الشرط الرابع من شروط لا إله إلا الله، التي جمعها الناظم في قوله رحمه الله:

علم يقين وإخلاص وصدقك مع: محبة وانقياد والقبول لها

وزيد ثامنها الكفران منك بما: سوي الإله من الأشياء قد ألها

وحديثنا إن شاء الله يدور حول الصدق المنافي للكذب، فالصدق عماد الإيمان، وبه تمامه وفيه نظامه، والصديقون يعقبون النبيين، كما قال الله رب العالمين: ? فَأُوْلئِكَ مَعَ الذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَليْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ? (النساء/69)، وأقل الصدق استواء السر والعلانية، والصادق من صدق في أقواله، والصديق من صدق في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ?، فليس للعبد شيء، أنفعُ من الصدق مع ربه، والصدق في تنفيذ أمره، والصدق في عزمه وفعله، قال تعالى: (طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلوْ صَدَقُوا اللهَ لكَانَ خَيْرًا لهُمْ).

فالعبد سعادته في صدق عزيته، وصدق حركته وسكنته، فصدق العزيمة جمعها وجزمها، بحيث لا يشوبها تردد، فإذا صدق في عزيمته، بقي عليه الصدق في حركته وسكنته، فيستفرغ وسعه في رضا الله وطاعته، ويبذل جهده في ابتغاء قربه ومحبته، وألا يتخلف عن عبوديته بشيء من ظاهره أو سريرته، فعزيمة القصد تمنعه من ضعف إرادته، وصدق الفعل يمنعه من فتور همته، ومن صدق الله في جميع الأمور، صدق في التوكل عليه وصح الإخلاص لديه، ونجاه الله عند البلاء، ورفع عنه أسباب الشقاء، خطب الحجاج بن يوسف الثقفي فأطال في الخطبة، فقام رجل من المسلمين فقال: الصلاة يا حجاج، فان الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك، فأمر الحجاج بحبسه، فأتاه قومه، وزعموا أنه مجنون وسألوه أن يخلي سبيله، فقال الحجاج: إن أقر بالجنون خليت سبيله، فقالوا لهذا المسجون: قل للحجاج إنك مجنون، فقال: معاذ الله، والله لا أزعم أن الله ابتلاني وقد عافاني، فبلغ ذلك الحجاج فقال: عفوت عنه لصدقه.

وخطب بلال رضي الله عنه لأخيه امرأة من قريش، فقال لأهلها نحن من قد عرفتم، كنا عبدين فأعتقنا الله تعالى وكنا ضالين فهدانا الله تعالى، وكنا فقيرين فأغنانا الله تعالى، وأنا أخطب إليكم ابنتكم لأخي، فان تنكحوها له فالحمد لله تعالى، وإن تردونا فالله أكبر، فأقبل بعضهم على بعض، فقالوا: بلال ممن عرفتم سابقته، وعلمتم مكانته من رسول الله، فزوجوا أخاه فزوجوه، فلما انصرفوا قال له أخوه: يغفر الله لك يا بلال، أما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله، وتترك ما عدا ذلك؟ فقال: مه يا أخي، إنما صدقتُ فأنكحك الصدق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير