تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الله تعالى في وصف المتقين الصادقين: (ليْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَل المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَأتي المَال على حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَي وَاليَتَامَي وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيل وَالسَّائِلينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَأتي الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلئِكَ الذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلئِكَ هُمْ المُتَّقُونَ).

وعند البخاري من حديث أَنَس بن مالك رَضِي الله عَنْه أنه قَال: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ القِتَال في بَدْرٍ، فَقَال: يَا رَسُول اللهِ غِبْتُ عَنْ أَوَّل قِتَالٍ قَاتَلتَ المُشْرِكِينَ فيه، لئِنِ اللهُ أَشْهَدَنِي قِتَال المُشْرِكِينَ، ليَرَيَنَّ اللهُ مَا أَصْنَعُ، فَلمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَشَفَ المُسْلمُونَ، قَال: اللهم إِنِّي أَعْتَذِرُ إِليْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ – يعني جيش المؤمنين، وَأَبْرَأُ إِليْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَال: يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ، إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ، قَال: سَعْدٌ فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُول اللهِ مَا صَنَعَ، قَال أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِل، وَقَدْ مَثَّل بِهِ المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلا أُخْتُهُ – عرفته - بِبَنَانِهِ، فنزل فيه قول الله تعالى: (مِنْ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَليْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَي نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا).

وروي الإمام مسلم بسنده عن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ قَال: إِنَّ أَهْل الجَنَّةِ ليَتَرَاءَوْنَ أَهْل الغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ مِنَ الأُفُقِ مِنَ المَشْرِقِ أَوِ المَغْرِبِ، لتَفَاضُل مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا: يَا رَسُول اللهِ تِلكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَال: وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا المُرْسَلينَ.

• وربما يسأل سائل عن ماهية الصدق؟ ما هي حقيقته الصدق؟

الصدق أصله من الموافقة والمصادقة، والمصاحبة والمطابقة، وسمي الصاحب صاحبا لمصادقته صحبه في أغلب الأمور، ومناصحته بالصدق في الشدة والسرور، فالمصادقة هي الموافقة والملاقاة، فإذا توافق قول الجنان مع قول اللسان وفعل الجنان مع حركة الأبدان، ظهرت معاني الصدق في الإنسان، وإن اختلف قول القلب مع قول اللسان وفعل القلب مع فعل الأبدان، ظهرت لنا حقيقة الكذب والخيانة، والنفاق والغدر وعدم الأمانة، فالصدق مطابقة القول والفعل في الظاهر، للقول والفعل في الباطن، فإن إخوة يوسف عليه السلام لم يصدقوا عندما: ? قَالوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لنَا وَلوْ كُنَّا صَادِقِينَ ? (يوسف/17)، لم يصدقوا لأن العلم الذي هو قول الجنان خالف الشهادة التي هي قول اللسان، ولكن لما توافق العلم مع الشهادة، وتطابق قول الجنان مع قول اللسان، ظهر صدقهم في قولهم: ? يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلمْنَا وَمَا كُنَّا للغَيْبِ حافِظِينَ وَاسْأَل القرىةَ التِي كُنَّا فِيهَا وَالعِيرَ التِي أَقْبَلنَا فِيهَا وَإِنَّا لصَادِقُونَ ?.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير