تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كيف يكون الصدق شرطا من شروط لا إله إلا الله؟ إذا عاهدت من أحببت على أن تشهد في المحكمة أنه برئ من تهمة القتل، وقد رأيته بريئا بالفعل، وأنت تعلم أنك سبب نجاته، وشهادتك بالحق فيها بقاء حياته، ثم جاء يوم الحكم، فأقسمت أمام القاضي على أن تقول الحق، ولا شيء غير الصدق، ثم كذبت أمام القاضي وأخلفت، وشهدت بقول الزور وبالغت، حتى حكم القاضي على صحبك بالإعدام، ونفذ فيه الحكم بعد أيام، ألا تستحق لعدم الصدق، أن تكون أتعس الخلق، وأن تستحق أشد العذاب، وتستوجب أسوأ العقاب؟

فكيف يا من عاهدت الله على أن تنقذ نفسك من النار، وأن تفر من غضب الجبار، لما حذرك الله تعالى فقال: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الأَليمُ)، وأي عذاب أشد من عذاب رب العالمين كما قال تعالى في شأن الكافرين: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لكُل بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ) (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).

فأنت عندما شهدت ألا إله إلا الله وأنه لا معبود بحق سواه، عاهدت الله على أن تنقذ نفسك بالطاعة والعبادة، وأنك صادق عند النطق بهذه الشهادة، ستصدق الله في خبره وتطيعه في أمره، وتتقيه ولا تعصيه، لكنك بعد هذا العهد، هل وفيت بشروط العقد، العقد الذي بينك وبين الله، والذي التزمت فيه عند قولك لا إله إلا الله بتنفيذ أوامره دون عصيان، وأن يكون خُلُقُكَ هو القرآن، فلو سألت هل صليت؟ ما جوابك؟ تقول: ما صليت، هل زكيت وزرت البيت؟ ما جوابك؟ تقول: ما أديت الفرض ولا زكيت، هل اتقيت الله في عملك وأخلصت أم ظلمت وتعاليت وارتشيت؟ هل انتبهت وتذكرت الموت؟

تفت فؤادك الأيام فتا وتنحت جسمك الساعات نحتا - وتدعوك المنون دعاء صدق ألا يا صاح أنت أريد أنتا

أراك تحب عرسا ذات غدر أبت طلاقها الأكياس بتا - تنام الدهر ويحك في غطيط بها حتى إذا مت انتبهتا

فكم ذا أنت مخدوع وحتى متي لا ترعوي عنها وحتى

فليست هذه الدنيا بشيء تسوؤك حقبة وتسر وقتا

وغايتها إذا فكرت فيها كظلك أو كحلمك إن حلمتا - سُجنت بها وأنت لها محب فكيف تحب ما فيه سجنتا

وتطعمك الطعام وعن قريب ستطعم منك ما منها طعمتا - وتشهد كل يوم دفن خل كأنك لا تراد بما شهدتا

ولم تخلق لتعمرها ولكن لتعبرها فجدَّ لما خُلقتا - وإن هُدمت فزدها أنت هدما وحصِّن أمر دينك ما استطعتا

ولا تحزن على ما فات منها إذا ما أنت في أخراك فزتا - فليس بنافع ما نلت فيها من الفاني إذا الباقي حرمتا

ولا تضحك مع السفهاء لهوا فإنك سوف تبكي إن ضَحِكْتا

وسل من ربك التوفيق فيها وأخلص في السؤال إذا سألتا

وناد إذا سجدت له اعترافا بما ناداه ذو النون بن متي - ولازم بابه قرعا عساه سيفتح بابه لك إن قرعتا

وأكثر ذكره في الأرض دأبا لتذكر في السماء إذا ذكرتا - ولا تقل الصبا فيه مجال وفكر كم صغير قد دفنتا

وقل لي يا ناصحي لأنت أولي بنصحك لو بعقلك قد نظرتا.

إن من أسوا ما يقع فيه الإنسان أن يصدق في وعده مع الناس، ويخلف وعده وينقض عهده مع ملك الناس إله الناس: (يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرضي مِنْ القَوْل وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير