تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَقَال وَهُوَ جَالسٌ فِي القَوْمِ بِتَبُوكَ مَا فَعَل كَعْبٌ، فَقَال رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلمَةَ يَا رَسُول اللهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ، فَقَال مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ:

بِئْسَ مَا قُلتَ، وَاللهِ يَا رَسُول اللهِ مَا عَلمْنَا عَليْهِ إِلا خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ، قَال كَعْبُ بْنُ مَالكٍ: فَلمَّا بَلغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلا، حَضَرَنِي هَمِّي وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ، وَأَقُولُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا، وَاسْتَعَنْتُ على ذَلكَ بِكُل ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلي، فَلمَّا قِيل إِنَّ رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ قَدْ أَظَل قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ وَعَرَفْتُ أَنِّي لنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلسَ للنَّاسِ فَلمَّا فَعَل ذَلكَ جَاءَهُ المُخَلفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِليْهِ وَيَحْلفُونَ لهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا، فَقَبِل مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ عَلانِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لهُمْ، وَوَكَل سَرَائِرَهُمْ إِلي اللهِ، فَجِئْتُهُ، فَلمَّا سَلمْتُ عَليْهِ، تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَال:

تَعَال، فَجِئْتُ أَمْشِي حتى جَلسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَال لي: مَا خَلفَكَ أَلمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ، فَقُلتُ بَلي: إِنِّي وَاللهِ لوْ جَلسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْل الدُّنْيَا، لرَأَيْتُ أَني سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ وَلقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلا، وَلكِنِّي وَاللهِ لقَدْ عَلمْتُ، أنني إن حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ، تَرضي بِهِ عَنِّي، ليُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يُسْخِطَكَ على، وَلئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ على فِيهِ، إِنِّي لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللهِ، لا وَاللهِ يا رسول الله، مَا كَانَ لي مِنْ عُذْرٍ، وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَي وَلا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلفْتُ عَنْكَ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حتى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ، فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لي:

وَاللهِ مَا عَلمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْل هَذَا، وَلقَدْ عَجَزْتَ أَنْ تعتذر إِلي رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ بِمَا اعْتَذَرَ إِليْهِ المُتَخَلفُونَ، قدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ، اسْتِغْفَارُ رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ لكَ، فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حتى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلتُ لهُمْ هَل لقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلانِ قَالا مِثْل مَا قُلتَ، فَقِيل لهُمَا مِثْلُ مَا قِيل لكَ، فَقُلتُ: مَنْ هُمَا؟

قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ وَهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لي رَجُليْنِ صَالحَيْنِ، قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لي، وَنَهي رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ المُسْلمِينَ عَنْ كَلامِنَا، نحن الثَّلاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لنَا، حتى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ، فَمَا هِيَ التِي أَعْرِفها، فَلبِثْنَا على ذَلكَ خَمْسِينَ ليْلةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاةَ مَعَ المُسْلمِينَ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ وَلا يُكَلمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ فَأُسَلمُ عَليْهِ وَهُوَ فِي مَجْلسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي هَل حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلامِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير