حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا محمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثنا بن أبي سبرة عن المنذر بن عبد قال ولى عمر بن عبد العزيز بعد صلاة الجمعة فأنكرت حاله في العصر
الاستذكار ج:1 ص:22
وقد أوضحنا جهل عمر بن عبد العزيز والمغيرة بن شعبة لنزول جبريل - بمواقيت الصلاة في كتاب ((التمهيد)) وأنهما إنما جهلا من ذلك نزول جبريل بفرض أوقات الصلوات وكانوا يعتقدون ذلك من سنة رسول الله لأن القرآن ليس فيه آية مفصحة بذلك ترفع الإشكال ولو كانت فيه آية تتلى ما جهلها عمر بن عبد العزيز ولا مثله من العلماء
وقد جاز على كثير منهم جهل كثير من السنن الواردة على ألسنة خاصة العلماء
ولا أعلم أحدا من الصحابة إلا وقد شذ عنه بين علم الخاصة واردة بنقل الآحاد أشياء حفظها غيره وذلك على من بعدهم أجوز والإحاطة ممتنعة على كل أحد
وفي هذا الحديث دليل على أن وقت الصلاة من فرائضها وأنها لا تجزئ قبل وقتها وهذا لا خلاف فيه بين العلماء إلا شيء روي عن أبي موسى الأشعري وعن بعض التابعين وقد انعقد الإجماع على خلافه فلم نر لذكره وجها لأنه لا يصح عندي عنهم وقد صح عن أبي موسى خلافه بما يوافق الجماعة فصار اتفاقا صحيحا
والوقت أول فرائض الصلاة لأنه لا يلزم الوضوء لها إلا بعد دخول وقتها والمتوضئ قبل الوقت متبرع مبادر إلى فضل ومتأهب لفرض
ومن الدليل أيضا على أن الأوقات أيضا من فرائض الصلوات مع ما ذكرنا من حديث الباب والإجماع - قول الله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا الإسراء 78
قال مالك أوقات الصلاة في كتاب الله قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس يعني الظهر والعصر إلى غسق الليل يعني المغرب والعشاء وقرءان الفجر يعني صلاة الفجر
وقد قال ذلك قبله جماعة من العلماء بتأويل القرآن منهم بن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم
وروي عن بن عباس أيضا وطائفة أنهم قالوا أوقات الصلوات في كتاب الله تعالى قوله فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون الروم 17 ف حين تمسون) المغرب والعشاء وحين تصبحون) الصبح وعشيا الروم 18 العصر وحين تظهرون) الظهر
ثم قال ومن بعد صلاة العشاء النور 58
وهذا كله قد جاء عن السلف وليس فيه ما يقطع به ولا يعتمد عليه لأن التسبيح إذا أطلق عليه فإنما يراد به الذكر قول سبحان الله وهي كلمة تنزيه الله - تبارك اسمه - عن كل ما نزه عنه نفسه
الاستذكار ج:1 ص:23
وكذلك ظاهر قوله أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل الإسراء 78 لو تركنا وظاهر هذا القول لوجبت الصلاة من الزوال عند من جعل دلوكها زوالها إلى غسق الليل فليس في محكم القرآن في أوقات الصلوات شيء واضح يعتمد عليه
وأصبح ذلك نزول جبريل - عليه السلام - بأوقات الصلوات مفسرة وهي في الكتاب مجملة
وكذلك الصلاة والزكاة مجملات أوضحها رسول الله وبينها كما أمره الله بقوله وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم النمل 44
فبينها - عليه السلام - بالقول والعمل فمن بيانه - عليه السلام - ما نقله الآحاد العدول ومنها ما أجمع عليه السلف والخلف فقطع العذر ومنها ما اختلفوا فيه
ونحن ذاكرون ما وصل إلينا علمه من إجماعهم في مواقيت الصلاة وما اختلفوا فيه من ذلك بعون الله لا شريك له
أجمع علماء المسلمين أن أول وقت صلاة الظهر زوال الشمس عن كبد السماء ووسط القبلة إذا استوقن ذلك في الأرض بالتفقد والتأمل وذلك ابتداء زيادة الظل بعد تناهي نقصانه في الشتاء والصيف وإن كان الظل مخالفا في الصيف له في الشتاء فإذا تبين زوال الشمس بما ذكرنا أو بغيره فقد دخل وقت الظهر
هذا ما لم يختلف فيه العلماء أن زوال الشمس وقت الظهر وذلك تفسير لقوله تعالى أقم الصلوات لدلوك الشمس الإسراء 78 ودلوكها ميلها عند أكثر أهل العلم ومنهم من قال دلوكها غروبها واللغة محتملة للقولين والأول أكثر
وكان مالك يستحب لمساجد الجماعات أن يؤخروها بعد الزوال حتى يكون الفيء ذراعا على ما كتب به عمر إلى عماله وذلك عند مالك فيما روى عنه بن القاسم صيفا وشتاء (1)
وروى غيره عن مالك أن أحب الأمر إليه في أوقات الصلوات البدار إليها (2) في أوائل أوقاتها إلا الظهر في شدة الحر فإنه يبرد بها (3)
¥