اختلفوا في أسفل الخف , هل هو واجب أم مستحب؟ , ويؤيد الحديث قياس المسح على الغسل
فصار الحديث مع ما فيه صالحًا للاحتجاج)).
قلت: وهذا مثال يوضح طريقته في الحديث والفقه ,فالحديث منكر بزيادة ((المسح أسفل الخفين)) , وقد اضطرب كعادته في مثل هذه المواضع عن الدفاع عن الأحاديث الساقطة , تراه يوافق على الشيء ثم يخالفه في موضع آخر ما هو هنا مسلم بأية رجاءً لم يسمع من كاتب المغيرة رواد , فهو مرسل فيه انقطاع: يعني عن رجاء عن كاتب المغيرة مرسلاً بدون ذكر الصحابي المغيرة بن شعبة , كما نقل ترجيحه عن أبي حاتم , وأبي زرعة الرازيين في العلل.
ثم عاد فأثبت سماع رجاء من الكاتب! وتمحل كعادته فقال: ((هذا المرسل صالح للعمل
)).
وكان قبل ذلك طعن في العلة الأشد وهي عدم سماع ثور ذاك الحديث من رجاء.
فيكون السند: عن ابن المبارك , عن ثور , (حُدثتُ) , عن رجاء , (عن) رواد , (
عن) النبي صلى الله عليه وسلم!. أرأيت سندًا كهذا منقطع في ثلاثة مواضع؟!.
ثم أرأيت من يدعي ـ العلم ـ يحتج ـ بمثل هذا التسلسل المنقطع؟!.
فمع الضعف الإسنادي , والنكارة المتنية! يجيء هذا المخالف ويقويه بعمل وفتوى بعض
أهل العلم!.
لكن هذا منهجه.
والحديث في الأصل منكر عن الصحابي رضي الله عنه , وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم , لأن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم المسح أعلى الخفين فقط.
وكذا عن الإمام علي رضي الله عنه , قال: ((لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف
أولى بالمسح من اعلاه , لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه)).
رواه أبو داود (162) وحسنه الحافظ في بلوغ المرام.
أما جهله بالفقه: فإنه قال: ((ويؤيد الحديث قياس المسح على الغسل)).فالمتقرر أنه لا اجتهاد في وجود النص.
والنص الصريح الصحيح ثبت عن المغيرة بن شعبة وغيره أنه يمسح أعلى الخفين فقط.
وثبت كذلك في غسل القدمين استيعابهما أعلى وأسفل حتى الكعبين.
فثبت في الشرع أن المسح صفته للقدمين مغايرة لصفة غسلهما , فكيف يجوز أن يُقاس
المسح على الغسل في وجود نص مستقل يبين بلسان عربي مبين كيفية المسح عليهما.
على أن صفة المسح في الشرع كلها مختلفة عن الغسل , فمسح الرأس والأذنين والتيمم كله
مختلف عن غسل هذه الأعضاء عددًا وصفةً.
(حديث 2/ 163 رقم 49): معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع , حدثني أبي , عن
عبيد الله بن أبي رافع , عن أبيه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ حرّك خاتمه.
قال: ((ذكره في ضعيف ابن ماجه (36/ 100) وقال: ضعيف , قلت: معمر وأبوه ضعيفان ,
والابن تالف , وهو أضعف من الأب , وفي الباب آثار. قال البخاري في كتاب الوضوء
..... وكان ابن سيرين يغسل موضع الخاتم إذا توضأ. ثم قال: وفي الباب آثار عن
جماعة من الصحابة ـ ثم أوردها وقال: ـ عن ابن ماجه ـ لم يجد في تحريك الخاتم أحسن
منه أو غيره , وهو مؤيد بالآثار عن الصحابة وبقياس الأولى .... ثم ذكر كلام الطحاوي
في قياس ذلك على تخليل الأصابع)).
قلت: حديث أبي رافع مع وهاء سنده فإنه منكر , فقد توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا , ونقل وضوءه جمع كبير من الصحابة كعثمان وعلي والربيع بنت معوذ , وعبد الله بن زيد , ابن
عباس , لقيط بن سبرة , ابن عمر , أنس , عبد الله بن عمرو , المقدام بن معدي كرب ,
سلمة بن الأكوع , عبد الله بن أبي أوفى.
ومن هذا الباب أنكر الإمام أحمد أحاديث التسمية على الوضوء.
قال المروزي: لم يصححه أحمد , وقال: ليس فيه شيء يثبت. كما في التلخيص الحبير
(1/ 253).
وقال السعدي: سئل أحمد عن التسمية فقال: لا أعلم فيه حديثًا صحيحًا أقوى شيء فيه
حديث كثير بن زيد , عن ربيح.
ومن هذا الباب جاء إنكار أبي داود تكرير العدد في مسح الرأس.
ففي التلخيص (1/ 271) قال: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس مرة واحدة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا وقالوا فيها: ومسح رأسه ولم يذكروا عددًا كما ذكروا في
غيره.
ومنه أيضًا إنكار أحاديث تخليل اللحية في الوضوء.
فقد أنكر أحمد وأبو حاتم كما في علل الرازي (1/ 31) قال أحمد: ليس في تخليل اللحية
شيء صحيح.
وفي العلل أيضًا (1/ 45) قال أبو حاتم: لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية شيء.
¥