تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول فالذي تفوته صلاة العصر لو وفق لرشده وعرف قدر ما فاته من الخير والفضل كان كالذي أصيب بأهله وماله على ما ذكرنا

وقد ذكرنا شواهد هذا على وزنه في ((التمهيد)) ومن أحسنها قول الأعرابي

(كأنما الذئب إذ يعدو على غنمي

في الصبح طالب وتر كان فاتارا (1))

وهذا عندنا على أن تفوته صلاة العصر بغير عذر حتى تغيب الشمس ولا يدرك منها ركعة قبل الغروب

ومن قال إن ذلك إن يؤخرها حتى تصفر الشمس فليس بشيء

والدليل على ذلك أن مالكا قال في الموطأ في رواية بن القاسم في هذا الموضع ووقت صلاة الظهر والعصر إلى غروب الشمس

وقد يحتمل أن يكون خروج قوله عليه السلام في هذا الحديث على جواب سؤال السائل كأنه قال يا رسول الله ما مثل الذي تفوته صلاة العصر فقال هو كمن وتر أهله وماله

فإن كان هذا هكذا فيدخل في معنى العصر حينئذ الصبح والعشاء بطلوع الشمس وطلوع الفجر

وقد أوضحنا معنى الحديث وبسطناه في ((التمهيد)) فمن تأمله هناك يستغني بذلك

الاستذكار ج:1 ص:65

واختلاف العلماء في الصلاة الوسطى على هذين القولين في الصبح والعصر هو الأكثر الذي عليه الجمهور

20 - مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب انصرف من صلاة العصر فلقي رجلا لم يشهد العصر فقال عمر ما حبسك (1) عن صلاة العصر (2) فذكر له الرجل عذرا فقال عمر طففت (3) قال مالك ويقال لكل شيء وفاء وتطفيف

قال بعض أصحابنا وبعض من تقدمه ممن شرح الموطأ إن الرجل الذي لقيه عمر لم يشهد العصر في هذا الحديث - فهو عثمان بن عفان وهو لا يوجد في أثر علمته وإنما عثمان هو الذي جاء وعمر يخطب فقال له عمر أية ساعة هذه وذلك يوم الجمعة

وروي ذلك أيضا من طرق ثابتة قد ذكرتها في ((التمهيد))

وأما الرجل المذكور في هذا الحديث رجل من الأنصار من بني حديدة

حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال حدثنا بن أبي ذئب عن أبي حازم التمار عن بن حديدة الأنصاري صاحب النبي - عليه السلام - قال ((لقيني عمر بن الخطاب بالزوراء (4) وأنا ذاهب إلى صلاة العصر فسألني أين تذهب فقلت إلى الصلاة فقال طفقت فأسرع قال فذهبت إلى المسجد فصليت ورجعت فوجدت جاريتي قد احتبست علينا من الاستقاء فذهبت إليها برومة فجئت بها والشمس صالحة))

قال قيل للقعنبي ما رومة قال بئر عثمان بن عفان

وأما قول عمر للرجل طففت فمعناه أنك نقصت نفسك حظها من الأجر بتأخرك عن صلاة الجماعة

وأظنه لم يقبل عذره المذكور في حديث مالك لأن من حبسه عذر مانع عن عمل صالح يريده فقد قدمنا من الآثار ما يبين به أنه يكتب له مثل أجر عمله

الاستذكار ج:1 ص:66

وأما التطفيف في لسان العرب فهو الزيادة على العدل والنقصان منه وذلك ذم لفاعله

قال الله تعالى ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون المطففين 1 - 3

ومن ذمه الله - تعالى - استحق عقوبته كما أن من مدحه استحق ثوابه

وأما قول مالك لكل شيء وفاء وتطفيف فإنه يعني أن هذه اللفظة تدخل في كل شيء مذموم زيادة ونقصانا

وروى أبو حميد الزبيري قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن علي قال ((الصلاة كالكيل فمن وفى وفي له))

وروى بن عيينة وغيره عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن مغيث بن سمي (ويل للمطففين) قال التطفيف في الصلاة والوضوء والمكيال والميزان

حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا عبد الله بن عمر بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا سلمة بن شبيب وحبيش بن أصرم ومؤمل قال حدثنا عبد الرزاق عن بكار بن عبد الله عن وهب بن منبه قال ترك من التطفيف

وحدثنا خلف بن القاسم بن شعبان قال حدثنا محمد بن محمد بن يزيد قال حدثنا الصلت بن مسعود قال حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال حدثنا بن شبرمة عن سالم بن أبي الجعد عن سلمان قال ((الصلاة كيل ووزن فمن وفى وفي له ومن نقص نقص له وتلا ويل للمطففين

ورواه سفيان الثوري عن شيخ كوفي يكنى أبا نصر عن سالم بن أبي الجعد عن سلمان قال ((الصلاة مكيال فمن وفى وفي له ومن طفف فقد علمتم ما قيل في المطففين)) ويغفر الله لمن يشاء ويعذب من يشاء

21 - مالك عن يحيى بن سعيد أنه كان يقول إن المصلي ليصلي الصلاة وما فاته وقتها ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضل من أهله وماله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير