تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ممن أدركناهم على هذا المنهج شيخنا الشيخ محمد بن العربي العلوي وسلفيته نظرية مغربية! وتلميذه شيخنا الدكتور محمد تقي الدين الهلالي ومؤلفاته كثيرة كلها تدور حول هذا الموضوع.

و قد ألهم الله الشيخ محمدا الزمزمي ابن الصديق الطنجي فأعلن انفصاله عن زاوية أبيه وإخوته, وأخذ يدعو إلى ذلك علنا بلسانه وقلمه فألف رسائل جيدة منها رسالة في شرح لا إله إلا الله بالغ فيها تحذيرا من نواقضها، ولما وقف عليها شقيقه أبو البيض ورآها تخالف مذهبهم كتب إلى أبي الفتوح يحثه حثا بالغا على الرد ويعده بطبعه على نفقته , فكتب هذا أوراقا ملأها سبا وشتما إرضاءا لشيخه , ولحاجة في نفسه، وأرسلها إلى شيخه , فزاد فيها فصولا وقدم وآخر , واختار لها من الأسماء: (الصارم المبيد , لما زعمه المبتدع العنيد , من الضلالات في شرح كلمة التوحيد). وقد برهن الشيخ والتلميذ بصنيعهم هذا على أنهما لا يعلمان كلمة التوحيد

وقد عرفت عن الشيخ أبي البيض وشقيقه عبد الله أنهما لا يفرقان بين التوسل والاستغاثة مع وضوح الفرق بينهما، و يشبههما في هذا محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه (فقه السيرة)، وقد سبق أن ذكرت في غير هذا الموضع مناظرة وقعت بيني وبين الشيخ عبد الله بمنزل صهري المريبطو بتطوان وبمحضر الفقيه التجكاني في موضوع الاستغاثة فيما لا يقدر عليه إلا الله , وأنها من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله , وأنها تناقض قوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين)، فرد عليَّ الشيخ وصهره التجكاني بقوله تعالى عن موسى عليه السلام: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ... ). فأخذت أبين لهما أن هذه الاستغاثة من باب الأخذ بالأسباب العادية, وليست مما نحن فيه , و أصرا على قولهما , وكنت أعلم أن عبد الله وقع في هذا الخلط في رسالته (إتحاف الأذكياء)، وقرر فيها أن من استغاث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو مبتدع ضال بالإجماع!! و هو بقوله هدم كل ما كتب في هذه الرسالة، و (الرد المحكم المبين). وقد نبهه شقيقه الزمزمي على وجوب التفريق بين التوسل والاستغاثة، فلم يهتد.

و المقصود التنبيه على مؤامرة أبي البيض وذنبه الأثيم أبي الفتوح على الشيخ الزمزمي بدافع الحقد والكراهية , وقد فطن الزمزمي لهذه المؤامرة وأكد في بعض رسائله أن (الصارم المبيد) من وضع شقيقه فسارع أبو الفتوح إلى التكذيب.

وبين يدي الساعة خمس عشرة رسالة بخط أبي البيض إلا واحدة فبخط أخيه إبراهيم لمرضه كتبها لذنبه حول (الصارم المبيد) وما زاد فيه الشيخ وما نقص , و تسميته له وطبعه على نفقته , ورأيت أن جَلبَ عباراته في ذلك يطول، و إن كان في ذلك فائدة، وفيها ما يستطرف، ومنه ـ وإن كان خارجا عن الموضوع ـ أن الكرفطي شكا إلى شيخه عدم طلوع لحيته بغزارة , وأن نباتها لا يخرج إلا نكِدا , فأجابه الشيخ بما نصه بحروفه: (وإذا رجوت أن تطلع لحيتك بالحلق, فكَرِّطْها تَكْريطا لعلها تبادر بالطلوع والسلام)!!

ومما يحسن التنبيه عليه هنا أنه لا تخلو رسالة من رسائل أبي الفتوح وهي أكثر من مائة غالبا من رؤيا أو اثنتين , ويبادر الشيخ إلى تعبيرها لصالح ذنبه , و فيها بشريات بمقامات عالية في الولاية والمعرفة!!

ومن أطرفها رؤيا عبرها له الشيخ بقرب نزول عيسى عليه السلام، وظهور المهدي وتفسيره بأن الكرفطي سيكون من أعوانه!!

و الملاحظ أن هذه الرؤى الكثيرة مع تعبير الشيخ كلها بارت وتبخرت ولم يتحقق منها شيء. كما أن بشريات الكهان والمجاذيب لأبي البيض بمصر والشام قبل وفاته بقرب الفرج لم يتحقق منها شيء؛ إلا في خاصة نفس الشيخ فإنه مات عام 80، وبعد وفاته أشاع بعض الناس هنا بالمغرب أنه مات منتحراً فأصدر الشيخ أحمد مرسي وهو أزهري نقشبندي بياناً أنكر فيه ذلك، فرد عليه الشيخ الزمزمي ببيان مضاد مؤرخ بـ (20 ربيع الأول عام 1401)، جاء فيه مما يتعلق بالتوسل والاستغاثة , وهو من باب (وشهد شاهد من أهلها) ما نصه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير