تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ذلك ليدخل في هذا التعريف: العميان و الصبيان المميزون ممن لم يبلغ الحنث كالحسنين وابن عباس و ابن الزبير و غيرهم من صغار الصحابة، و لكنْ أبو البيض لم يرض هذا و أشار إلى قيود و شروط في الصحبة حتى يتأتى له الطعن في عدد من الصحابة و إخراجهم من الإسلام عياذا بالله، و قد قال الإمام أحمد رضي الله عنه في كتاب السنة: "من السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كلهم أجمعين، و الكف عن الذي جرى بينهم، فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، أو واحداً منهم فهو مبتدع رافضي، فحبهم سنة، والدعاء لهم قربة، و الاقتداء بهم وسيلة، و الأخذ بآثارهم فضيلة.

و قال: لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم، و لا يطعن على أحد منهم، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه؛ بل يعاقبه ثم يستتيبه، فإن تاب قبل منه، و إن لم يتب أعاد عليه العقوبة، و خلده في الحبس حتى يتوب و يراجع".

و لأمر مّا تواصى علماء السلف بالكف عما شجر بينهم و تطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيبا لهم أو نقصا فيهم، و يرون الترحم على جميعهم و الموالاة لكافتهم، و أقوالهم في التواصي بذلك لا تحصى، و يرون التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله؛ بل هو بدعة و ضلالة.

قال الميموني، قال لي أحمد بن حنبل: يا أبا الحسن، إذا رأيت رجلا يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام.

و روى الخطيب في الكفاية بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة».

و في فتح الباري لابن حجر –و هو ممن يعتمدهم أبو البيض ويغلو في مدحهم- ما نصه: "اتَّفَقَ أَهْل السُّنَّة عَلَى وُجُوب مَنْع الطَّعْن عَلَى أَحَد مِنْ الصَّحَابَة بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقّ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوب إِلَّا عَنْ اِجْتِهَاد وَقَدْ عَفَا اللَّه تَعَالَى عَنْ الْمُخْطِئ فِي الِاجْتِهَاد، بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَر أَجْرًا وَاحِدًا وَأَنَّ الْمُصِيب يُؤْجَر أَجْرَيْنِ".

قلت: هذا دستور أهل السنة من المسلمين لم يخالفه إلا الروافض و الخوارج، و كأني بأبي البيض و قد سمع هذه الأقوال النيرة، تَعَكر دمه، و انتفخت أوداجه، و أفلت الزمام من يده فوقع في هؤلاء الأئمة و رماهم بالنصب و سوء الفهم، و اندفع يملي عن ظهر قلب أحاديث المثالب التي كان يلقنها من هب و دب من مريديه من أنعام البشر فيثقون به، و يَلَغون في أعراض الصفوة من خلق الله، فيلعنون أبا سفيان، و ابنه معاوية، و عمرو بن العاص، و المغيرة بن شعبة، و سمرة بن جندب، و عبد الله بن الزبير، و غيرهم ممن نسيت. مقتدين في ذلك بإمامهم الضال المضل و قد سمعوه مرارا يذكر: إذا رأيتم معاوية فوق منبري فاقتلوه، و سمع النبي معاوية و عمرو بن العاص يتغنيان فقال: اللهم أركسهما في الفتنة ركسا و دعّهما في النار دعّا، و قال صلى الله عليه و آله وسلم: يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت يوم يموت على غير ملتي، قيل: فطلع معاوية، وحديث معاوية في تابوت مقفل عليه في النار، بنادي: يا حنان، يا منان، وقوله عن سمرة: آخركم موتا في النار، فكان سمرة.

و هذه الأحاديث المفتعلة يصرح أبو البيض بأنها أصح من الصحيح و إنما تحاماها أهل السنة لبغضهم في آل البيت، و ما يعانونه من النصب في زعمه، و لم يشفع لأولئك الصحابة الكرام رضي الله عنهم و أرضاهم، و لعن عدوهم و مبغضهم، ما شهد الله لهم به من فضل الصحبة و الوعد بالحسنى، و لا سيما صهر النبي صلى الله عليه و آله و سلم، و كاتب وحيه، و خال المومنين، سيدنا معاوية بن أبي سفيان، و أول الملوك العادلين في الإسلام، و الفاتح الظافر، و الأسد القاهر، فإنه كان إذا ذكر فقد صوابه، و أعلن بقاموس من السب و الشتم فاق شتائم الروافض و الخوارج، و يا ويحه فقد استجلب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير