تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم أكن –علم الله- أتوقع من أبي البيض أن يُفضي به الضلال و الغلو إلى الاعتقاد بالوصية بالمفهوم الشيعي، إلى أن وقفت على تصريحه بها في مواضع من "جؤنته" و غيرها، و وَصْفِ علي رضي الله عنه بناءً عليها بالوصي، لأنها من خصائص مذهب الشيعة الروافض التي بنوا عليها القول بالإمامة، و أنها الركن الأول في الإسلام بعد كلمة الإخلاص، و أبو البيض يغض الطرف عمداً عما يترتب على القول بالوصية من رمي الخلفاء الراشدين الثلاثة بالغصب و التعدي و الظلم، و من ورائهم سائر الصحابة رضي الله عنهم الذين بايعوا الثلاثة و أجمعوا على خلافتهم، و قد قال سفيان الثوري رحمه الله كلمته العجيبة في الموضوع، و قد أشرت إليها قبل، و هي: من قدم عليا على إخوته الخلفاء فقد أزرى بالمهاجرين و الأنصار، و أي زراية أسوأ من اتهام أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بالعدوان و الظلم.

و القول بالوصية هو منطلق الروافض قديما و حديثا لسب الشيخين و سائر الصحابة لاغتصابهم الخلافة من علي، و إظهار البراءة منهم و تكفيرهم، و اعتقاد أن عليا سيرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة هو و آل بيته للانتقام من أبي بكر و عمر و سائر الصحابة في تمثيلية مزرية بالعقول، و ليس الشأن في اعتقادهم هذا فقد اعتقدوا ما هو أفحش و أعرق في الضلال و الخبال من أمر مهديِّهم القائم!! و دخوله السرداب منذ ألف و مائتي عام تقريبا، و مناداتهم له بالخروج وهتافهم بالدعاء له بكرة و عشيا بالفرج! و إنما الشأن في أمر أبي البيض و إخوته في اعتقادهم الوصية و هم يعلمون تاريخها، و يعلمون أن عليا رضي الله عنه بايع الخلفاء قبله، و أعلن أن أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم أبو بكر و عمر، و قد ذكر مؤرخو الملل و النحل أن أول من أتى بفكرة الوصية هو عبد الله بن سبأ اليهودي اليمني المكنى بابن السوداء، و إليك نصين مهمين في الموضوع من عالمين جليلين في علم الفِرَق، لا يحوم حولهما الشك:

قال الشهرستاني في "الملل و النحل": السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ؛ الذي قال لعلي كرم الله وجهه: أنت أنت يعني: أنت الإله؛ فنفاه إلى المدائن. زعموا: أنه كان يهودياً فأسلم؛ وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى عليهما السلام مثل ما قال في علي رضي الله عنه. وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه. ومنه انشعبت أصناف الغلاة.

و قال عبد القاهر البغدادي عن ابن سبأ في كتابه "الفَرْق بين الفِرَق": كان ابن السوداء في الأصل يهوديا من أهل الحيرة، فأظهر الإسلام، وأراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق ورياسة، فذكر لهم أنه وجد في التوراة: إن لكل نبي وصيا، و إن عليا وصي محمد، و إنه خير الأوصياء كما أن محمدا خير الأنبياء.

قلت: و نصوص مؤرخي الفِرَق و النِحَل حول ابن سبأ و فرقته (السبئية) و ما تفرق عنها من فِرَق و أفكار، كثيرة جدا حتى من كتب الروافض، و قد جمع الأخ الشيخ سلمان العودة جزءًا جد مفيد في الموضوع و هو مطبوع، و كان ردا غير مباشر على مرتضى العسكري من غلاة الروافض المعاصرين الذي أنكر الوجود التاريخي لابن سبأ و جماعة معه، في كتاب مطبوع، و قبله أنكر بعضهم وجود الوزير ابن العلقمي الرافضي الذي تسبب مع النصير الطوسي في أفجع كارثة حلت بالمسلمين السنة ببغداد على يد المغول المتوحشين في القرن السابع، و قد تجددت المأساة اليوم على يد روافض إيران و العراق معززين بالصليبية العالمية متمثلة في أمريكا و حلفائها و الأكراد، في مؤامرة مكشوفة لاستئصال الوجود العربي السني من العراق عموماً، و بغداد و ما حولها خصوصاً، و منذ أربع سنوات و المجازر ترتكب ليلا و نهارا، و المساجد تحرق و تدمّر، و العلماء و الأئمة يقتلون علنا نهارا، و العامة يُهجَّرون ليحل محلّهم الروافض المستقدمون من إيران، و العرب السنة لا ناصر لهم إلاّ الله (ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز).

الفصل السادس عشر

قوله باستحباب اتخاذ القبور مساجد، و غُلُوُّه في ذلك حتى زعم أن الصلاة في الزاوية المقبورة أفضل من غيرها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير