تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و كنت سألته مباشرة عن تناقضه في رسالته "الاستنفار للتشبه بالكفار" حيث عقد باباً في تحريم اتخاذ المساجد على القبور لعلة التشبه بالكفار، فتردد و اضطرب، و أشار إلى أن المدار على القصد والنية، فكان عذرا أقبح من الزلة كما يقال، و لعل ظهور البطلان فيما ذهب إليه هو الذي حذا بأبي الفتوح إلى مخالفته في هذه المسألة، و ليته نهج هذا المنهج السليم في سائر موبقاته، و فيها ما هو أبشع و أفظع، و لكنها الزاوية و الطريقة و الحفاظ على طقوسها الوثنية، و صدق الله العظيم: (إنك لا تهدي من أحببت، و لكن الله يهدي من يشاء).

الفصل السابع عشر

استحبابه الرقص اليهودي أثناء ما يسمونه: الذكر و الحضرة و العمارة، و التي تنشد أثناءها أشعار الاتحاد و الحلول و الوحدة على نغمات المزامير و نقر الطبول، وبأصوات المُردان، و استحبابه لسجود المريدين له، لتقبيل قدميه، و هي فاقرة موروثة عن مشايخ الطرق، مع حمل السبحة الوثنية في الأعناق

استحباب أبي البيض للرقص المسمى بالمغرب (العمارة)، و هو عام في الطرق الصوفية بالمغرب و غيره إلا الطريقة الناصرية، فإني لا أعرفهم يرقصون، و أبلغهم في باب الرقص، و هم أهل طريقة (دَرْقاوة) أتباع العربي الدرقاوي، و هم شعب و طرائق، و قد اتفقت كلمة المؤرخين المحققين أن هذا الرقص من طقوس اليهودية إلى الآن، فقد ألف دكتور عراقي كتابا كبيراً في اليهود (الحَسِديمْ) و ذكر من أعمالهم الدينية الرقص و السماع، و أتى بنصوص من التوراة و غيرها على ذلك، و الطريف أنه نشر صورا لأحبار اليهود (الحَسِديمْ) و هم يرقصون متحلقين بلحاهم وظفائرهم آخذين بيد بعضهم، و فيهم من يغني لهم بأشعارهم، و هذا يؤكد ما ذهب إليه الإمام القرطبي في تفسير سورة طه من كتابه "الجامع لأحكام القرآن" في قصة السامري، و أنه اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حوله تعبداً و شكراً، و نقل هناك تصريحا لأبي بكر الطرطوشي أن الرقص من دين اليهود، و قد ألف كثير من العلماء رسائل في الرد على الصوفية الرقصة، و أن الرقص غريب عن الإسلام، و بالتالي فإنه حرام لا يجوز بحال لأنه تشبه باليهود فيما هو خاص بدينهم، منهم صاحب "الرهص و الوقص لمستحل الرقص" لبرهان الدين الحلبي، و محمد المنبجي في رسالته، و هما مطبوعان.

و كذلك السبحة ثبت في البحث التاريخي أن أصلها وثني، و ما زالت إلى الآن من شعار البوذيين و البراهمة و النصارى، و نحن نراهم متقلدينها و في أيديهم في الفضائيات، و قد أجاد العلامة المحقق بكر عبد الله أبو زيد القضاعي في رسالته الماتعة (السُّبحة) فذكر تاريخها و إشكالها وكيف دخلت على المسلمين، و غلا فيها الصوفية المتأخرون حتى جعلوها شعار الذكر، و ألف فتح الله بناني الرباطي (شيخ أبي البيض) كتابا فيها سماه "تحفة أهل الفتوحات و الأذواق، في اتخاذ السبحة و جعلها في الأعناق" أتى فيه من أنواع الخرافات و الدجل، ما يشي بأن الرجل يكيد للإسلام، ويحارب السنة، و قد شاهدت مراراً أبا البيض يرقص في زاويتهم بطنجة على نغمات المزامير، وأناشيد المسمعين، و هي كلها تدور على أشعار عمر بن الفارض و أبي الحسن الششتَري و محمد الحراق و نحوهم، و هي السمّ الزّعاف لحمتها و سداها: وحدة الوجود، و الاتحاد، و الحلول، والدعوة إلى ذلك، كما شاهدت مثل ذلك في زاوية الحراق بتطوان، و بين الفينة و الأخرى يتهافت أحدهم على رجلي الشيخ يقبلها و يُمَرِّغ خديْه عليهما، و قد يمكث ساجداً عليهما مدة؛ بل رأيت بعضهم يُقبل مجلس الشيخ و يبكي بحُرقة في غيبته، و من الجدير بالذكر أن إمام العارفين الكبريت الأحمر، و الشيخ الأكبر، قدوة أبي البيض و إخوته و قبيله: محمد بن علي ابن العربي الحاتمي المرسي، ذكر في كتابه "رسالة القدس" و هي مطبوعة بدمشق قديما قصة مُفادها باختصار: أنه حضر حفلاً للصوفية في دار أحدهم بإشبيلية بالأندلس، و كان جالسا بجنبه رجل أعمى من الأولياء عنده، و أن الفقراء جلسوا في حلقة يذكرون و يتناشدون الأشعار، فقال له الأعمى: ها الشيطان الساعة دخل من الباب في صورة عنز، و أنه أخذ يدنو من الفقراء و يشمهم و ينتقل، و يصف الولي الأعمى الفقير و شكله و لباسه، و ابن العربي يعجب من قوله لصدقه، إلى أن وصل إلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير