تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا كان النائم والناسي للصلاة - وهما معذوران - يقضيانها بعد خروج وقتها كان المتعمد لتركها المأثوم في فعله ذلك أولى بالا يسقط عنه فرض الصلاة وأن يحكم عليه بالإتيان بها لأن التوبة من عصيانه في تعمد تركها هي أداؤها وإقامة تركها مع الندم على ما سلف من تركه لها في وقتها

الاستذكار ج:1 ص:77

وقد شذ بعض أهل الظاهر وأقدم على خلاف جمهور علماء المسلمين وسبيل المؤمنين فقال ليس على المتعمد لترك الصلاة في وقتها أن يأتي بها في غير وقتها لأنه غير نائم ولا ناس

وإنما قال رسول الله ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها))

قال والمتعمد غير الناسي والنائم

قال وقياسه عليهما غير جائز عندنا كما أن من قتل الصيد ناسيا لا يجزئه عندنا

فخالفه في المسألة جمهور العلماء وظن أنه يستتر في ذلك برواية جاءت عن بعض التابعين شذ فيها عن جماعة المسلمين

وهو محجوج بهم مأمور باتباعهم

فخالف هذا الظاهر عن طريق النظر والاعتبار وشذ عن جماعة علماء الأمصار ولم يأت فيما ذهب إليه من ذلك بدليل يصح في العقول

ومن الدليل على أن الصلاة تصلي وتقضى بعد خروج وقتها كالصائم سواء وإن كان إجماع الأمة الذين أمر من شذ منهم بالرجوع إليهم وترك الخروج عن سبيلهم يغني عن الدليل في ذلك قوله ((من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) ولم يخص متعمدا من ناس

ونقلت الكافة عنه - عليه السلام - أن من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل الغروب صلى تمام صلاته بعد الغروب وذلك بعد خروج الوقت عند الجميع ولا فرق بين عمل صلاة العصر كلها لمن تعمد أو نسي أو فرط وبين عمل بعضها في نظر ولا اعتبار

ودليل آخر وهو أن رسول الله لم يصل هو ولا أصحابه يوم الخندق صلاة الظهر والعصر حتى غربت الشمس لشغله بما نصبه المشركون له من الحرب ولم يكن يومئذ ناسيا ولا نائما ولا كانت بين المسلمين والمشركين يومئذ حرب قائمة ملتحمة وصلى رسول الله الظهر والعصر في الليل

ودليل آخر وهو أن رسول الله قال بالمدينة لأصحابه يوم انصرافه من الخندق ((لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة (1) فخرجوا متبادرين وصلى

الاستذكار ج:1 ص:78

بعضهم العصر في طريق بني قريظة خوفا من خروج وقتها المعهود ولم يصلها بعضهم إلا في بني قريظة بعد غروب الشمس فلم يعنف رسول الله - عليه السلام - إحدى الطائفتين وكلهم غير ناس ولا نائم وقد أخر بعضهم الصلاة حتى خرج وقتها ثم صلاها وقد علم رسول الله ذلك فلم يقل لهم إن الصلاة لا تصلى إلا في وقتها ولا تقضى بعد خروج وقتها

ودليل آخر وهو قوله - عليه السلام - ((سيكون بعدي أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها قالوا أفنصليها معهم قال نعم)) (1)

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال حدثنا أبو حذيفة يوسف بن مسعود قال حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي المثني الحمصي عن أبي أبي بن امرأة عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت قال ((كنا عند النبي - عليه السلام - فقال إنه سيكون بعدي أمراء تشغلهم أشياء حتى لا يصلوا الصلاة لميقاتها قالوا نصليها معهم يا رسول الله قال نعم)) (2)

قال أبو عمر أبو المثنى الحمصي هو الأملوكي ثقة روى عن عتبة وأبي بن أم حرام وكعب الأحبار

وأبو أبي بن أم حرام ربيب عبادة له صحبة وقد سماه وكيع وغيره في هذا الحديث عن الثوري وقد ذكرناه في الكنى

وفي هذا الحديث أن رسول الله أباح الصلاة بعد خروج ميقاتها ولم يقل إن الصلاة لا تصلى إلا في وقتها

والأحاديث في تأخير الأمراء الصلاة حتى يخرج وقتها كثيرة جدا وقد كان الأمراء من بني أمية أو أكثرهم يصلون الجمعة عند الغروب

وقد قال عليه السلام ((التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى

الاستذكار ج:1 ص:79

وقد أعلمهم أن وقت الظهر في الحضر ما لم يخرج وقت العصر

روي ذلك عنه من وجوه صحاح قد ذكرت بعضها في صدر هذا الكتاب في المواقيت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير