تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أصبح عميداً لكلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الزيتونة بتونس سنة 1381ه (1961م) وهذه الجامعة هي التي تخرج فيها جهابذة العلماء أمثال: عبدالحميد بن باديس، وعبدالعزيز الثعالبي، ومحمد بيرم، وسالم أبوحطاب، والطاهر بن عاشور وغيرهم.

وكان الفاضل بن عاشور خطيباً مفوَّهاً، وأديباً بليغاً، وفقيهاً متمكناً في علوم الدين، ويعتبر من طلائع النهضة الإسلامية الحديثة بتونس، شارك في التصدي للاستعمار الفرنسي مع إخوانه التونسيين وغيرهم.

نشاطه العلمي والدعوي

سافر في مهمات علمية ودعوية إلى خارج تونس، وألقى محاضرات عديدة في فرنسا بالسوربون، وفي تركيا بجامعة إستانبول، وفي الهند بجامعة عليكرة، وفي الكويت بجمعية الإصلاح الاجتماعي، وجامعة الكويت، وفي الموسم الثقافي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية.

كما شغل منصب القضاء، ثم منصب مفتي الجمهورية التونسية، وقاضي القضاة، ورئيساً للمحكمة الشرعية العليا، ثم رئيساً لمحكمة النقض والإبرام، وظل يتولى عمادة كلية الشريعة بالزيتونة حتى وفاته.

كما شارك في ندوات علمية كثيرة في أنحاء العالم، وفي بعض مؤتمرات المستشرقين بباريس، وهو عضو في المجمع اللغوي بالقاهرة، كما هو عضو برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وعضو مراسل بالمجمع العلمي العربي بدمشق، ومجمع البحوث الإسلامية بمصر، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

وكان لوالده الشيخ الطاهر بن عاشور مكتبة عامرة بنفائس التراث الإسلامي والعربي، واستفاد منها الفاضل كثيراً، وأضاف إليها ما استجدَّ من المؤلفات الإسلامية المعاصرة.

كما كان له نشاط في التأليف وكتابة المقالات والبحوث والدراسات.

ومن أهم مؤلفاته:

الاجتهاد .. ماضيه وحاضره.

المصطلح الفقهي في المذهب المالكي.

تراجم الأعلام.

أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي.

الحركة الأدبية والفكرية في تونس.

أركان الحياة العلمية في تونس.

التفسير ورجاله.

روح الحضارة الإسلامية ... وغيرها.

من أقواله:

" ... إذا تقوَّمت شخصية الفرد المسلم على المنهج التربوي الذي أخذت به على سبيل الدعوة الدينية، فتحركت في النفس غريزة التطلع إلى المعرفة، ثم ثارت فيه داعية الفكر، فجعلت الموجودات على اختلاف أصنافها مجالاً للحركة الفكرية، وأصبحت الكائنات بأسرها آلات للعمل الفكري، وأدوات يحقق بها قصده من الوصول إلى المعرفة، لكونها المحصلة للعلم الجامع لأصناف المعلوم كله، المتناول للوجود من حيث هو، بقطع النظر عن مظاهره المتباينة، وعناصره المختلفة، وبذلك يتحقق معنى الانسجام والأمن، اللذين امتازت بهما الحضارة الإسلامية، فلا يبقى في نفس المسلم على ذلك مجال للصراع بين عناصر مدركاتها .. تأنس بالعقل، فلا تتجافى عن الدين .. وتطمئن إلى الدين، فلا تنفر من المدنية، وتؤخذ بالعادة، فلا تضيع المقياس الخلقي .. وتراضٍ على السلوك، فلا تتعطل فيها ملكة النقد الذاتي، فيكون العقل سند الحقيقة الدينية وبرهانها، كما كان الإيمان أصل توجهها إلى مناهج السلوك، فجاءت الوحدة الاجتماعية منسجمة فيما بين عناصرها مع المعاني المكوِّنة لمنهج النظر الإسلامي الذي تقاربت فيه المدركات العالمية.

هذه الحقائق الدقيقة السامية هي سر أن الإسلام عقيدة وعمل، أو أنه عبادة ونظام اجتماعي، أو هو دين العقل أو دين العلم أو دين المدنية.

إن العامل التربوي الإسلامي هو الذي كوَّن الفرد قبل أن يكوِّن المجتمع، ومهَّد للثقافة طريقها.

لقد كان العامل التربوي الذي كوَّن الفرد، عقلاً ونفساً، وخلقاً، وسلوكاً، هو العامل الأصلي الذي ولَّد الحضارة، وكوَّن المجتمع الأمثل، ومهَّد للثقافة طريقها، إلى أن تتناول عناصر المعرفة، وتؤلف كيانها، فقامت الحضارة الإسلامية على ذلك المجتمع المتلائم، وبرزت الثقافة بأزهارها اليانعة، من بذور تلك العناصر المتلاقحة.

إن المجتمع الإسلامي مجتمع ديني بالمعنى الأخص، كان الدين فيه العامل الأول المباشر .. ومن دعوة الدين، والإيمان بها، اكتسب الشعب الذي استجاب لتلك الدعوة، وامتاز بذلك الإيمان، خِلالاً نفسية جديدة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير