رواه بن وهب عنه وقد روى عنه بن وهب خلاف ذلك قال بن وهب سمعت الليث يقول في الذي يدرك الإمام في قيام رمضان ولم يصل العشاء أنه يصلي معهم بصلاتهم فإذا فرغ صلى العشاء قال وإن علم أنهم في القيام قبل أن يدخل في المسجد فوجد مكانا طاهرا فليصل العشاء ثم يدخل معهم في القيام
وأما قوله في الحديث ((من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول وأقم الصلاة لذكرى فقد روي عن رسول الله أنه قال ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) من وجوه قد ذكرناها في التمهيد وفي بعضها ((فذلك وقتها))
واحتج القائلون بأن من ذكر صلاة وهو في صلاة فسدت عليه صلاته التي هو فيها حتى يصلي التي ذكر قبلها من أصحابنا وغيرهم - بقوله هذا ((فليصلها إذا ذكرها))
قالوا فهو مأمور بإقام الصلاة المذكورة في حين الذكر فصار ذلك وقتا لها
الاستذكار ج:1 ص:88
فإذا ذكرها وهو في صلاة فكأنها مع صلاة الوقت صلاتان من يوم واحد اجتمعتا عليه في وقت واحد
فالواجب أن يبدأ بالأولى منهما فلذلك فسدت عليه التي هو فيها كما لو صلى العصر قبل صلاة الظهر من ذلك اليوم
وفسادها من جهة الترتيب إلا أن ذلك عند مالك وأصحابه ومن يقول بقولهم لا تجب إلا مع الذكر وحصول الوقت بالترتيب وقلة العدد وذلك صلاة يوم فما دون
فإذا خرج الوقت سقط الترتيب وكذلك سقط الترتيب مع كثرة العدد لما في ذلك من المشقة وما لا يطاق عليه ويفحش القياس فيه لأنه لو ذكر صلاة عام فرط فيها أو ذكر صلاة بين وقتها وبين صلاة وقته عام قبح بالمفتى أن يأمره بصلاة عام ونحوه قبل أن يصلي صلاة وقته
واحتج بعضهم في وجوب الترتيب بحديث أبي جمعة واسمه حبيب بن سباع وله صحبة قال ((صلى رسول الله المغرب يوم الأحزاب فلما سلم قال هل علم أحد منكم أني صليت العصر قالوا لا يا رسول الله قال فصلى العصر ثم صلى المغرب))
وهذا حديث لا يعرف إلا عن بن لهيعة عن مجهولين لا تقوم بهم حجة
وقال الشافعي وداود بن علي وأبو جعفر الطبري لا يلزم الترتيب في شيء من ذلك
وقالوا فيمن ذكر صلاة وهو في صلاة غيرها وحده أو وراء إمام يتمادى في صلاته فإذا أتمها صلى التي ذكر ولم يعد الأخرى بعدها
وليس الترتيب عند هؤلاء بواجب فيما قل ولا فيما كثر إلا في صلاة اليوم بعينه
وحجتهم أن الترتيب إنما يجب في اليوم وأوقاته كما يجب ترتيب أيام رمضان في رمضان لا في غيره فإذا خرج الوقت سقط الترتيب
ألا ترى أن رمضان تجب الرتبة فيه والنسق لوقته فإذا انقضى سقطت الرتبة ولم يجب على الذي لم يصمه في وقته لمرض أو سفر إلا عدة من أيام أخر
وكذلك من عليه أيام من شهر رمضان فلم يصمها حتى دخل عليه رمضان آخر أنه يصومه ثم يصوم الأيام من الأول بعده ولا يعيده
وهذا إجماع من علماء المسلمين وإنما اختلفوا في الإطعام مع قضاء الأيام لمن فرط وهو قادر على الصيام
الاستذكار ج:1 ص:89
فأما داود ومن نفى القياس فإنهم احتجوا في سقوط الترتيب بأن رسول الله صلى ركعتي الفجر يومئذ وهو ذاكر للصبح
قالوا فقد صلى صلاة سنة وهو ذاكر فيها لصلاة فريضة فلم تفسد عليه فأحرى ألا تفسد عليه صلاة فريضة إذا ذكر فيها أخرى قبلها
وهذا عندي احتجاج فاسد غير لازم من وجوه
منها أن لا ترتيب بين السنن والفرائض
ومنها أنه لم يذكر في ركعتي الفجر صلاة قبلها وإنما كان ذاكرا فيها صلاة بعدها
وهذا لا خفاء فيه لمن أنصف نفسه
ولا معنى لقول النبي - عليه السلام - ((فليصلها إذا ذكرها فإن الله تعالى يقول وأقم الصلاة لذكرى عند من لا يرى الترتيب إلا إيجاب الصلاة على كل من نام عنها أو تركها أو نسيها إذا ذكرها وأنه لازم لكل من ذكر صلاة لم يصلها أن يصليها إذا ذكرها وأن النائم عنها والناس لها إذا ذكرها في حكم من ذكرها في وقتها وليس في ذلك عندهم إيجاب ترتيب
وقد أجمع علماء المسلمين أن من ذكر صلوات كثيرة كصلاة شهر أو أكثر أو ما زاد على صلاة يوم وليلة لم يلزمه ترتيب ذلك مع صلاة وقته فكذلك القليل من الصلوات في القياس والنظر وبالله التوفيق
وسيأتي من هذا المعنى زيادة مسائل عن العلماء يزيد الناظر فيها بيانا وعلما عند ذكر حديث مالك إن شاء الله
وأما معنى قوله تعالى وأقم الصلاة لذكرى فإن أكثر أهل العلم قالوا معناه أن يصلي الصلاة إذا ذكرها
¥