تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هكذا ترجمه هذا الباب في الموطأ عند جماعة الرواة وكانت حقيقته أن يقال فيه باب النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ثم يذكر النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر

26 - مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله قال ((إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ثم إذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها))

ونهي رسول الله عن الصلاة في تلك الساعات

الاستذكار ج:1 ص:103

تابع يحيى على قوله في هذا الحديث عن عبد الله الصنابحي جمهور الرواة منهم القعنبي وغيره

قال فيه مطرف عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي عبد الله الصنابحي وتابعه إسحاق بن عيسى الطباع وطائفة وهو الصواب

وهو أبو عبد الله الصنابحي واسمه عبد الرحمن بن عسيلة وقد ذكرنا في التمهيد خبره وأنه من كبار التابعين لا صحبة له

وروينا عنه أنه قال لم يكن بيني وبين رسول الله إلا خمس ليال توفي وأنا بالجحفة فقدمت وأصحابه متوافدون

وعن بن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن الحسن عن الصنابحي قال خرجنا من اليمن مهاجرين فقدمنا الجحفة فأقبل راكب فقلت الخبر فقال دفنا رسول الله منذ خمس ليال

واضطرب بن معين في حديث الصنابحي هذا فمرة قال يشبه أن تكون له صحبة ومرة قال أحاديثه مرسلة ليس له صحبة وهذا هو الصحيح وقد أوضحنا هذا المعنى عند ذكر هذا الحديث

وأحاديث الصنابحي التي في الموطأ مشهورة جاءت عن النبي من طرق شتى من حديث أهل الشام وممن رواها عن النبي عمرو بن عبسة وأبو أمامة الباهلي وعقبة بن عامر ومرة بن كعب البهزي وقد ذكرناها بطرقها في ((التمهيد))

وأما قوله عليه السلام ((إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان)) وفي بعض الروايات ((تطلع بين قرني الشيطان)) - وقد ذكرنا الآثار بذلك كله في التمهيد - فإن للعلماء في ذلك قولين

أحدهما أن ذلك اللفظ على الحقيقة فإنها تطلع وتغرب على قرن الشيطان وعلى رأس الشيطان وبين قرني شيطان على ظاهر الحديث حقيقة لا مجازا من غير تكييف لأنه لا يكيف ما لا يرى

وحجة من قال هذا القول - حديث عكرمة عن بن عباس أنه قال له ((أرايت ما جاء عن النبي في أمية بن أبي الصلت آمن شعره وكفر قلبه قال هو حق فما أنكرتم من شعره قالوا أنكرنا قوله

(والشمس تطلع كل آخر ليلة

حمراء يصبح لونها يتورد (1))

(ليست بطالعة لهم في رسلها

إلا معذبة وإلا تجلد

الاستذكار ج:1 ص:104

فما بال الشمس تجلد فقال والذي نفسي بيده ما طلعت الشمس قط حتى ينخسها سبعون ألف ملك فيقولون لها اطلعي اطلعي فتقول لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله فيأتيها ملك عن الله يأمرها بالطلوع فتشتعل لضياء بني آدم فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن الطلوع فتطلع بين قرنيه فيحرقه الله عنها وما غربت الشمس قط إلا خرت ساجدة فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن السجود فتغرب بين عينيه فيحرقه الله تحتها

وذلك قول رسول الله ((ما طلعت إلا بين قرني شيطان ولا غربت إلا بين قرني شيطان))

وقد ذكرنا إسناد حديث عكرمة هذا في ((التمهيد))

وقال آخرون معنى هذا الحديث عندنا على المجاز واتساع الكلام وأنه أريد بقرن الشيطان هنا أمة تعبد الشمس وتسجد لها وتصلي في حين غروبها وطلوعها تقصد بذلك الشمس من دون الله

وكان رسول الله يكره التشبه بالكفار في شيء من أمورهم ويحب مخالفتهم فنهى عن الصلاة في هذه الأوقات لذلك

وهذا التأويل جائز في لغة العرب معروف في لسانها لأن الأمة تسمى عندهم قرنا والأمم قرونا

قال الله تعالى وكم أهلكنا قبلهم من قرن مريم 74

وقرونا بين ذلك كثيرا الفرقان 38

وقال رسول الله ((خير الناس قرني)) (1)

وجائز أن يضاف القرن إلى الشيطان لطاعتهم له

وقد سمى الله الكفار حزب الشيطان

ومن حجة من تأول هذا التأويل في هذا الحديث من طريق الآثار حديث عمرو بن عبسة السلمي وقد ذكرناه من طرق كثيرة في التمهيد وفيه ((فإذا طلعت الشمس فأقصر عن الصلاة فإنها تطلع على قرن الشيطان ويصلي لها الكفار

الاستذكار ج:1 ص:105

وبعضهم يقول فيه ((وحينئذ يسجد لها الكفار))

وبعضهم يقول فيه ((وهي ساعة صلاة الكفار)) وفيه ((فإذا اعتدل النهار فأقصر فإنها ساعة تسجر فيها جهنم)) (1)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير