والموهوب للعوض إما أثاب القيمة أو رد الهبة فإن فاتت فعليه قيمتها وذلك إذا كان يرى أنه أراد الثواب من الموهوب له.
ويكره أن يهب لبعض ولده ماله كله وأما الشيء منه فذلك سائغ، ولا بأس أن يتصدق على الفقراء بماله كله لله.
ومن وهب هبة فلم يحزها الموهوب له حتى أو أفلس فليس له حينئذ قبضها ولو مات الموهوب له كان لورثته القيام فيها الصحيح.
ومن حبس دارا فهي على ما جعلها عليه إن حيزت قبل موته ولو كانت حبسا على ولده الصغير جازت حيازته له إلى أن يبلغ وليكرها له ولا يسكنها فإن لم يدع سكناها حتى مات بطلت وإن انقرض من حبست عليه رجعت حبسا على أقرب الناس بالمحبس يوم المرجع.
ومن أعمر رجلا حياته دارا رجعت بعد موت الساكن ملكا لربها وكذلك إن أعمر عقبه فانقرضوا بخلاف الحبس فإن مات المعمر يومئذ كانت لورثته يوم موته ملكا.
ومن مات من أهل الحبس فنصيبه على من بقي ويؤثر في الحبس أهل الحاجة بالسكنى والغلة ومن سكن فلا يخرج لغيره إلا أن يكون في أصل الحبس شرط فيمضي.
ولا يباع الحبس وإن خرب ويباع الفرس الحبس يكلب ويجعل ثمنه في مثله أو يعان به فيه واختلف في المعاوضة بالربع الخرب خرب.
والرهن جائز ولا يتم إلا بالحيازة ولا تنفع الشهادة في حيازته إلا بمعاينة البينة وضمان الرهن من المرتهن فيما يغاب عليه ولا يضمن ما لا يغاب عليه وثمرة النخل الرهن للراهن وكذلك غلة الدور والولد رهن مع الأمة الرهن تلده بعد الرهن ولا يكون مال العبد رهنا إلا بشرط وما هلك بيد أمين فهو من الراهن.
والعارية مؤداة يضمن ما يغاب عليه ولا يضمن ما لا يغاب عليه من عبد أو دابة إلا أن يتعدى.
والمودع إن قال: "رددت الوديعة إليك" صدق إلا أن يكون قبضها بإشهاد، وإن قال: "ذهبت" فهو مصدق بكل حال، والعارية لا يصدق في هلاكها فيما يغاب عليه، ومن تعدى على وديعة ضمنها وإن كانت دنانير فردها في صرتها ثم هلكت فقد اختلف في تضمينه ومن اتجر بوديعة فذلك مكروه والربح له إن كانت عينا وإن باع الوديعة وهي عرض فربها مخير في الثمن أو القيمة يوم التعدي.
ومن وجد لقطة فليعرفها سنة بموضع يرجو التعريف بها فإن تمت سنة ولم يأت لها أحد فإن شاء حبسها وإن شاء تصدق بها وضمنها لربها إن جاء وإن انتفع بها ضمنها وإن هلكت قبل السنة أو بعدها بغير تحريك لم يضمنها وإذا عرف طالبها العفاص والوكاء أخذها ولا يأخذ الرجل ضالة الإبل من الصحراء وله أخذ الشاة وأكلها إن كانت بفيفاء لا عمارة فيها، ومن استهلك عرضا فعليه قيمته وكل ما يوزن أو يكال فعليه مثله.
والغاصب ضامن لما غصب فإن رد ذلك بحاله فلا شيء عليه وإن تغير في يده فربه مخير بين أخذه بنقصه أو تضمينه القيمة ولو كان النقص بتعديه خير أيضا في أخذه وأخذ ما نقصه وقد اختلف في ذلك، ولا غلة للغاصب ويرد ما أكل من غلة أو انتفع وعليه الحد إن وطىء وولده رقيق لرب الأمة ولا يطيب لغاصب المال ربحه حتى يرد رأس المال على ربه ولو تصدق بالربح كان أحب إلى بعض أصحاب مالك وفي باب الأقضية شيء من هذا المعنى.
باب في أحكام الدماء والحدود
ولا تقتل نفس بنفس إلا ببينة عادلة أو باعتراف أو بالقسامة إذا وجبت يقسم الولاة خمسين يمينا ويستحقون الدم ولا يحلف في العمد أقل من رجلين ولا يقتل بالقسامة أكثر من رجل واحد وإنما تجب القسامة بقول الميت: "دمي عند فلان" أو بشاهد على القتل أو بشاهدين على الجرح ثم يعيش بعد ذلك ويأكل ويشرب وإذا نكل مدعو الدم حلف المدعى عليهم خمسين يمينا فإن لم يجد من يحلف من ولاته المدعى عليه وحده حلف الخمسين ولو ادعي القتل على جماعة حلف كل واحد خمسين يمينا.
ويحلف من الولاة في طلب الدم خمسون رجلا خمسين يمينا وإن كانوا أقل قسمت عليهم الأيمان ولا تحلف امرأة في العمد وتحلف الورثة في الخطإ بقدر ما يرثون من الدية من رجل أو امرأة وإن انكسرت يمين عليهم حلفها أكثرهم نصيبا منها وإذا حضر بعض ورثة دية الخطإ لم يكن له بد أن يحلف جميع الأيمان ثم يحلف من يأتي بعده بقدر نصيبه من الميراث، ويحلفون في القسامة قياما ويجلب إلى مكة والمدينة وبيت المقدس أهل أعمالها للقسامة ولا يجلب في غيرها إلا من الأميال اليسيرة، ولا قسامة في جرح ولا في عبد ولا بين أهل الكتاب ولا في قتيل بين الصفين أو وجد في محلة قوم، وقتل الغيلة لا عفو فيه.
¥