تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والناظر في تقسيم الحاكم يرى أنه قائم على السبق في دخول الإسلام بغض النظر عن أية عوامل أخرى, بخلاف ما جرى عليه ابن سعد في طبقاته من اعتماده المشاهد والسبق إلى الإسلام معاً, فعنده أن المهاجر البدري أعلى رتبة من الأنصاري البدري باعتبار عامل السبق, ومن شهد بدراً من المهاجرين والأنصار فهو أعلى رتبة ممن لم يشهدها وإن كان إسلامه قديماً, وهو بهذا يكون أميز من مخالفيه في تقديرنا.

هذا الترتيب والمفاضلة بين الصحابة ? على سبيل الإجمال، أما على سبيل الأفراد لكل منهم فقد ذهب جمهور علماء أهل السنة إلى أن أفضل الناس بعد رسول الله ? أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة ثم أهل بدر ثم أهل أحد ثم أهل بيعة الرضوان وممن لهم مزية من أهل العقبتين من الأنصار والسابقين الأولين ().

ثالثاً: عدد الصحابة

لاشك أن حصر عدد الصحابة أمر متعذر لأمور, منها: أن الرسول ? عاش يدعو إلى دين الله ثلاثة وعشرين عاما, وقد أسلم في هذه الفترة خلق كثير بلا شك, فمنهم من كان يقيم معه ومنهم من يرجع إلى الجهة التي جاء منها, ومعرفة من أعلن إسلامه أمام الرسول ? ومن أسلم دون أن يلتقي به أمر في غاية الصعوبة.

لذا فإن من كتب في هذا المجال, فإنما كتب على سبيل التقريب لا التحديد فيما نظن.

فقد روي عن أبي زرعة الرازي قوله: (توفي رسول الله ? ومن رآه ومن سمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية) ().

وأخرج الإمام مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: (خرج رسول الله ? لعشر مضين من رمضان, وصام الناس معه, حتى إذا كانوا بالكديد أفطر, ثم مضى في عشرة آلاف من المسلمين) وكان ذلك عام الفتح ().

وقال ابن حجر: (ثبت عن سفيان الثوري فيما أخرجه الخطيب بسنده الصحيح إليه قال: من قدّم علياً على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألفاً مات رسول الله ? وهو عنهم راض () - يعني الذين توفوا في خلافة أبي بكر وعمر-.

من خلال هذه الآثار يتبين لنا أن أصحاب رسول الله ? كانوا من الكثرة بحيث أن الرواة الذين سمعوا من رسول الله ? يزيدون على مائة ألف.

ومع هذا فإن التاريخ لم يحفظ لنا عشر ما ذكره أبو زرعة من الرواة. وقد قام الدكتور أكرم ضياء العمري بدراسة استقرائية في كتب معرفة الصحابة وتوصل إلى هذه النتيجة ().

إن أوسع كتب معرفة الصحابة هو كتاب الإصابة لابن حجر حيث بلغت ترجماته (9477) ترجمة ممن عرفوا بأسمائهم و (1268) ترجمة ممن عرفوا بكناهم و (1522) ترجمة امرأة.

وليس كل من أوردهم ابن حجر في الإصابة قد ثبتت صحبتهم, فقد ذكر في مقدمة كتابه أنه تناول فيه أربعة أقسام, وهي:

الأول: من وردت صحبته بطريق الرواية عنه أو عن غيره سواء أكانت الطريق صحيحة أو حسنة أو ضعيفة, أو وقع ذكره على الصحبة بأي طريق كان.

الثاني: فيمن ذكر في الصحابة من الأطفال الذين ولدوا في عهد النبي ? لبعض الصحابة من الرجال والنساء ممن مات ? وهم دون سن التمييز, لغلبة الظن أنه ? رآهم.

الثالث: فيمن ذكر في الكتب المتقدمة عليه من المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يرد خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي ? ولا رأوه, سواء أسلموا في حياته أم لا, وهؤلاء ليسوا صحابة بالاتفاق.

الرابع: فيمن ذكر في الكتب المتقدمة أنه صحابي على سبيل الوهم والغلط وبيان ذلك ().

رابعاً: طرق معرفة الصحابي

للعلماء في معرفة الصحابة رضي الله عنهم طرق يعرفونه بها, ويمكن إجمال هذه الطرق بما يلي:

الأولى: الخبر المتواتر, كصحبة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

الثانية: الخبر المستفيض أو المشهور: وهو الخبر الذي لم يصل إلى حد التواتر.

الثالثة: إخبار بعض الصحابة أنه صحابي.

الرابعة: شهادة ثقات التابعين في حقه بكونه صحابياً.

الخامسة: إخباره عن نفسه بصحبته لرسول الله بعد أن ثبتت عدالته عند علماء الجرح والتعديل ().

فإذا ما ثبتت للشخص صحبة بأية طريقة من هذه الطرق فهو صحابي ويجب تعديله, واعتبار أقواله ومروياته دون عرضها على ميزان الجرح والتعديل.

الباب الأول

الفصل الثاني

عدالة الصحابة

• تعريف العدالة

• بم فضل الصحابة ? على غيرهم

• عدالة الصحابة ? في القران الكريم

• عدالة الصحابة ? في السنة النبوية

• عدالة الصحابة ? في أقوال السلف الصالح

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير