هذا طرف من الأحاديث الكثيرة التي تشير إلى مكانة الصحابة ? عند الله تبارك وتعالى وعند نبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
وهذه الأحاديث منها ما هو صحيح متفق على صحته كما رأيت ومنها ما هو حسن موافق لماء جاء في كتاب الله العزيز في بيان مكانة الصحابة ? ومد الله تعالى لهم وإكرامه إياهم وثناؤه عليهم.
خامساً: عدالة الصحابة ? في أقوال علماء الأمة وسلفها الصالح:
بعد أن عرضنا جانباً من الآيات القرآنية الكريمة التي شهدت للصحابة ? بحسن السريرة وعلو المنزلة وثنينا بعد ذلك بطائفة من الأحاديث النبوية الشريفة التي تمجد الصحابة ? , أرى من المناسب أن نقتبس بعض الأنوار من خلال الأقوال الكثيرة لعلماء الأمة وسلفها الصالح التي قيلت بحق الصحابة ?, لنعلم كيف كان سلف الأمة وعلماؤها يتعاملون مع النصوص النبوية إذا وردت في مسألة من المسائل.
فقد روى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله: (لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام احدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره) ().
وعن نسير بن ذعلوق قال: سمعت ابن عمر يقول: (لاتسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعن سنة) ().
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لا تسبوا أصحاب محمد فان الله عز وجل قد أمر بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون) ().
وعن ميمون بن مهران قال: (ثلاث ارفضوهن: سب أصحاب محمد ? والنظر في النجوم والنظر في القدر) ().
وعن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى انه قال: (من طعن في أصحاب رسول الله ? فهو صاحب هوى) ().
وقال الإمام أبو زرعة الرازي: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله ? فاعلم أنه زنديق, لأن الرسول ? عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ? وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهو زنادقة) ().
وقال النووي في التقريب: (الصحابة ? كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به) ().
وقال ابن حجر: (اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة) ().
وقال ابن عبدالبر في الاستيعاب: (فهم خير القرون وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالتهم جميعهم بثناء الله عز وجل ورسوله ?) ().
وقد كان سلفنا الصالح على درجة كبيرة من احترام الصحابة ? وتقديرهم حتى أنهم عدوا من طعن في أي صحابي مرتكباً لأكبر الفواحش والكبائر, فهذا الإمام النووي يقول بهذا الصدد: (واعلم أن سب الصحابة ? حرام من فواحش المحرمات ... )
ويقول في موضع آخر: (وسب أحدهم من المعاصي الكبائر) ().
وقد بلغ من إنكارهم أنهم كانوا يرون تعزير من يقع فيهم كما هو رأي الجمهور ().
بل إن الإمام مالكاً رحمه الله يرى قتل من قال بضلال أحد من الصحابة? (). وقال القاضي أبو يعلى) مَن قذف عائشة مما برأها الله منه كفر بلا خلاف وحكى الإجماع على هذا غير واحد) ().
وقال ابن عباس رضي الله عنهما موضحاً دور الصحابة ? وجهادهم في نشر الإسلام وإرساء دعائمه: (إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه خص نبيه محمدا ? بصحبة آثروه على الأنفس والأموال وبذلوا النفوس دونه في كل حال ووصفهم في كتابه فقال: رحماء بينهم فقاموا بمعالم الدين وناصحوا الاجتهاد للمسلمين حتى تهذبت طرقه وأسبابه وظهرت آلاء الله واستقر دينه, ووضحت أعلامه وأذل الله بهم الشرك وأزال رؤوسه ومحا دعائمه وصارت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزاكية والأرواح الطاهرة العالية, فقد كانوا في الحياة أولياء وكانوا بعد الموت أحياء وكانوا لعباد الله نصحاء وصلوا إلى الآخرة قبل إن يصلوا إليها وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها) ()
¥