تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا كان ابن عباس رضوان الله عليه- وهو من هو بين الصحابة ?- ينظر إليهم بعين الإجلال هذه ويحتفظ لهم في قلبه بهذه المنزلة الرفيعة فما أحرانا نحن بأن نحترمهم ونتولاهم ونتقرب إلى الله بحبهم. وقد أدرك هذه الحقيقة شيخ من شيوخ الزيدية في اليمن وهو الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة وهو من علماء القرن السابع نقل ذلك عنه عالم الزيدية في القرن التاسع عشر السيد عمرو بن إبراهيم بن المرتضى الوزير (757 - 840) في كتابه (الروض الباسم) () فذكر طبقة الدهماء من الصحابة ? وعوامهم فقال: (إن أكثرهم تساهلاً في أمر الدين ممن يتجاسر على الإقدام على الكبائر لاسيما معصية الزنا ... وذلك دليل خفة الإيمان ونقصان الديانة لكنا نظرنا في حالهم فوجدناهم فعلوا ما لا يفعله من المتأخرين إلا أهل الورع الشحيح والخوف العظيم, ومن يضرب بصلاحه المثل, ويتقرب بحبه إلى الله عز وجل وذلك أنهم بذلوا أرواحهم في مرضاة رب العالمين وليس يفعل ذلك إلا من يحق له منصب الإمامة من أهل التقوى واليقين) ().

أي أن أقل الصحابة ? تمسكاً بهدي الإسلام ممن قد يقعون في حدود الله وسرعان ما يستيقظ ضميرهم فيعترفون ولو كان في اعترافهم ذهاب حياتهم مما يرفعهم إلى استحقاق منصب الإمامة, فكيف بكبار الصحابة ? الذين طهرهم الله من كل الأدران الخبيثة إنهم شريحة يصعب على البشر تصورهم.

وهاهو سيدنا علي بن أبي طالب ? يذكر أصحاب رسول الله ? يذكر أصحاب رسول الله ? مقارناً بينهم وبين شيعته فيقول: (لقد رأيت أصحاب محمد ? فما رأيت أحداً يشبههم منكم! لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً وقد باتوا سجداً وقياماً يراوحون بين جباههم وخدودهم ويقفون على مثل الحجر من ذكر معادهم كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجوهم اذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاء الثواب) ().

ويقول أيضاً في حقهم مقارناً بينهم وبين شيعته آسفاً على ذهابهم: (أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه وقرءوا القرآن فأحكموه وسلبوا السيوف أغمادها وأخذوا بأطراف الأرض زحفاً زحفاً وصفاً صفاً بعض هلك وبعض نجا ولا يبشرون بالأحياء و لا] يُعزون عن الموتى, مره العيون من البكاء خمص البطون من الصيام ذبل الشفاه من الدعاء صفر الألوان من السهر, على وجوههم غبرة الخاشعين أولئك خواص الذاهبون فحق لنا أن نظمأ اليهم ونفض الأيدي على فراقهم.) ().

وقد ذكر الشيخ إحسان آلهي ظهير أن المجلسي روى في كتابه "حياة القلوب" عن الآلوسي رواية موثوقة () عن علي رضي الله عنه أنه قال لأصحابه: (أوصيكم في أصحاب رسول الله ? , لا تسبوهم فإنهم أصحاب نبيكم وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئاً ولم يقروا صاحب بدعة, نعم أوصاني رسول الله ? في هؤلاء ... ) ().

ولا شك أن شهادةً مثل شهادة علي بن أبي طالب ? لها طعم خاص وثقل مميز خصوصاً اذا كان الرواة لها ممن يطلقون ألسنتهم لتنال من الصحابة الكرام ? , ثم يدعون بعد ذلك تمسكهم بهدي أهل البيت رضوان الله عليهم. ولا نريد أن ننقل المزيد من أقوال السلف في حق الصحابة? ففيما نقلناه كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد.

هذه هي منزلة الصحابة? عند علماء الأمة, وهم لم ينالوها بكسبهم وإنما هي هبة من الله وفضل حباهم بها واصفاهم لها.

و لاشك أن العلماء لم ينطلقوا من فراغ في تكريمهم لكل من صح أن يطلق عليه اسم الصحبة, فهم بهذا يكونون قد اقتدوا بالصحابة أنفسهم, فإنهم كانوا يرون أن للصحبة فضلاً لا يعد له فضل.

قال ابن حجر: (وقد كان تعظيم الصحابة? ولو كان اجتماعهم به ? قليلاً , مقرراً عند الخلفاء الراشدين وغيرهم, فمن ذلك قرأت في كتاب (أخبار الخوارج) تأليف محمد بن قدامة المروزي بخط بعض من سمعه منه في سنة سبع وأربعين ومائتين قال: حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا زهير وهو الجعفي عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي قال كنت عند أبي سعيد الخدري ... قال: كنا عنده وهو متكئ فذكرنا علياً ومعاوية, فتناول رجل معاوية فاستوى أبو سعيد الخدري جالساً ثم قال: كنا ننزل رفاقاً مع رسول الله ? فكنا في رفقة فيها أبو بكر فنزلنا على أبيات وفيهم امرأة حبلى ومعنا رجل من أهل البادية فقال للمرأة الحامل أيسرك أن تلدي غلاماً, قالت نعم, قال: إن أعطيتني شاةً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير