وعلى هذا الأساس سنتحدث عن مكانة الصحابة ? لدى ثلاث من فرق الشيعة المعاصرة في ثلاثة فصل تمثل كل فرقة منها اتجاهاً معيناً.
مكانة الصحابة ? عند الشيعة الإمامية
لابد لنا قبل أن نعرف نظرة الشيعة الإمامية إلى الصحابة ? أن نلم إلمامة بسيطة بمصطلح "الشيعة الإمامية".
يقول الشهرستاني في تعريف الشيعة الإمامية: (هم القائلون بإمامة علي ? بعد النبي ? نصًا ظاهراً وتعييناً صادقاً من غير تعريض بالوصف, بل أشار إليه بالعين) () وعلى هذا فكل من لم ير التعيين قد ثبت بالنص فهو ليس إمامياً.
وقد قسم أبو المظفر الاسفراييني () الشيعة الإمامية إلى خمس عشرة فرقة وهم:
الكاملية () , المحمدية () , الباقرية () , الناووسية () , الشمطية () , العمارية () , الاسماعيلية () , الموسوية () , المباركية () , القطعية () , الهشامية () أو الحكمية, الهشامية () (أو الجواليقية) , الزرارية () , اليونسية () , الشيطانية ().
بيد أن هذا المصطلح قد اقتصر بمرور الزمن على فرقتين بارزتين من تلك الفرق وهما الإمامية القطعية "الاثنا عشرية" والإمامية الإسماعيلية ().
ثم أخذت الإسماعيلية تستقل شيئاً فشيئاً في عقائدها وتصوراتها فلم تعد شعبة من شعبتي الإمامية , وأصبحت الساحة خالية للشيعة الأثني عشرية وأصبح أسم الإمامية علماً عليها كما يقوله المرحوم محمود شكري الآلوسي في تعريفه للشيعة الاثني عشرية: (وهذه هي المتبادرة عند الاطلاق في لفظ الإمامية وهم القائلون بإمامة علي الرضا بعد أبيه موسى الكاظم, ثم بإمامة ابنه محمد التقي المعروف بالجواد ثم بإمامة ابنه على التقي المعروف بالهادي , ثم بإمامة ابنه الحسن العسكري ثم بإمامة محمد المهدي معتقدين المهدي المنتظر) ().
لذا فإننا عندما نتحدث عن مكانة الصحابة? لدى الشيعة الإمامية فإننا نعني بهم الشيعة الاثني عشرية لأنهم يمثلون الأغلبية الساحقة من الشيعة الموجودين في العالم الإسلامي اليوم.
وسنحاول أن نكون موضوعيين قدر الاستطاعة في إبراز موقفهم إزاء الصحابة? غير متحاملين ولا مجاملين ودون أن نعطي الأمور أبعاداً أكبر من حقيقتها, وفي سبيل الوصول إلى الغاية النبيلة اجتهدت إلا أنقل أي نص يصور نظرتهم للصحابة إلا من خلال كتبهم المعتمدة لديهم مهما كانت ثقتي عالية في أمانة من يحاول أن يظهر لنا حقيقة اعتقادهم في الصحابة ?, ذلك لأن علماءهم أدرى بحقيقة ما اشتمل عليه مذهبهم بهذا الخصوص ولأن شهادتهم على أنفسهم أبلغ من شهادة غيرهم عليهم.
وسيكون بحثنا دائراً حول محورين, أولهما إبراز حقيقة نظرتهم إلى الصحابة?. وثانيهما: إبراز مغالاتهم في علي وبنيه رضي الله عنهم لأنه حيثما كان إفراط في مسألة ما قابله تفريط في نفس الحدة والمستوى.
أولاً: نظرتهم إلى الصحابة ?:
لقد ورد في كتابات بعض الإمامية عبارات فيها قدح كبير لصحابة رسول الله ? وهذه الكتابات لا تمثل السواد الأعظم من الإمامية فهم إن لم يتولوا جميع الصحابة ? فقد توقفوا في أمرهم وأوكلوهم إلى الله. لذا يجب التذكير إننا عندما نذكر تلك التهم التي كالها بعض المتطرفين من الإمامية لا نريد من ورائها التشنيع والحكم على المذهب الإمامي من خلال تلك الكتابات التي لا تمثل الخط العام الذي يسار عليه, وانما نذكرها من باب الحقيقة التاريخية ومن أجل أن ينقى المذهب الإمامي ليعود إلى صفائه لكي لا يحسب أصحاب الأهواء والضلال عليهم.
ويمكن إبراز التهم التي ذكرها المتطرفون كما يلي:
1 - اتهامهم بالارتداد عن دين الله.
لم يتورع هؤلاء المتطرفون عن توجيه تهمة الارتداد عن دين الله إلى الرعيل الأول من المسلمين من أجل أن يقطعوا صلة الأمة بنبيها ? ولكي تبقى الأمة الإسلامية معلقة بلا جذور تشدها وتربط جأشها. ومن أجل أن يعمقوا الهوة بين الإمامية وبقية أخوانهم من المسلمين, سجلوا تلك التهم في كتب المسلمين ونسبوها إلى أفذاذ الأمة من علي وبنيه رضي الله عنهم.
¥